مثقال ذرة وبرنامج البعث والفناء في الدنيا
مثقال ذرة وبرنامج البعث والفناء في الدنيا
أكد القرآن وجود وزن ومعيار للذرة، وهو ما عبر عنه في الكثير من الآيات، التي تتحدث عن هذا الوزن الذري.
وهو ما توصل إليه العلم الحديث، حيث يعتبر الوزن الذري، لكل ذرة هو المعيار، الذي تقاس به الذرات داخل الجزيئات المكونة للعناصر والمواد الموجودة في الحياة.
فمثلًا العدد الذري لذرة الهيدروجين كما يقول علماء الفيزياء، يساوي واحد حيث تحتوي نواته على واحد بروتون.
والعدد الذري لذرة الهيليوم اثنين لأن نواته تحتوي علي اثنين من البروتونات، ثم يأتي الليثيوم في الجدول الدوري وتوجد في نواته ثلاثة بروتونات فعدده الذري ثلاثة.
وهكذا يزداد العدد الذري للعناصر، حتى العناصر الثقيلة مثل الرصاص فعدده الذري اثنين وثمانين واليورانيوم عدده الذري اثنين وتسعين وهكذا.
وهذا يؤكد حقيقة الإشارات القرءانية في الحديث عن وزن الذرة ومكوناتها من أكثر من ألف وأربعمائة سنة، ما يؤكد أن المتحدث في هذا القرآن الكريم، هو الله سبحانه وتعالى الذي خلق الكون والحياة من ذرة الهيدروجين.
وأن معيار الحساب في الدنيا والآخرة هو وزن الذرة ومثقالها، والتي يحاسب عليها الإنسان في حياته وبعد مماته.
مصداقًا لقوله تعالى في سورة النساء: “إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا” (النساء/ 40).
والفاجعة التي سوف يصاب بها المجرمون في الآخرة من الكافرين بأنعم الله سبحانه وتعالى والمشركين به، سوف يفاجئون بتسجيل أقوالهم وأفعالهم وأعمالهم صغيرة كانت أو كبيرة.
والتي سينالون عليها الجزء والعقاب الشديد في الأخرة علي كفرهم وشركهم بربهم في الدنيا.
مصداقًا لقوله تعالى: “وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا” (الكهف/ 49).
بل إن الله سبحانه وتعالى يتحدى المشركين بمثقال ذرة، ويتحدى شركائهم الذين يدعونهم من دون الله، والذين لا يستطيعون امتلاك وزن ذرة واحدة في السماوات والأرض.
بل إن الذرة هي التي تملكهم وتوجههم الوجهة التي يريده بناءها الفيزيائي، على البرنامج الإلهي المعد سابقًا لها والمطمور في إحشائها، أمام جهل الإنسان وأميته، بل وضعف قدراته وإمكاناته العلمية، بمحتوي هذا العالم المعجز المسمي بالذرة والذي يحتوي في كيانه كل أسرار الخلق، وكأنها كون قائم بذاته.
قال تعالى: “قلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ ۖ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ” (سبأ/ 22).
بل إن الحساب على الخير والشر سيكون معياره وزن الذرة، ومكوناتها وكل تفاصيل حياتها، من بدايتها وحتى نهايتها مرورًا بحياتها، في الكون والحياة، والمآل الذي سوف تؤل إليه في الدنيا والآخرة، من خلال عمليات الإحلال والتبديل، وتكريث برنامج البعث والفناء بكل تفاصيله، في المنشأ والوجود وفي النهاية.
مصداقًا لقوله تعالى: “فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ • وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ” الزلزلة/ 7-8).
وكأن الذرة تمثل كتاب مفتوح يسجل فيها كل أقوال الإنسان وأفعاله وتصرفاته وحركاته وسكناته، وما يدب على الأرض وفي الكون من حياة.
ما يعني أن الذرة تعتبر دليل مادي قطعي على الإنسان، وشاهدة عليه في الدنيا والآخره.
مصداقًا لقوله تعالى: “هَٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ” (الجاثية/ 29).
القوى التي يتحكم فيها برنامج البعث والفناء
وهذا فيه إعجاز مبهر، فالذرة لا تحتوي فقط على مكوناتها الأساسية من نواة فيها برتون ونيترون، وإلكترون يدور حولها.
بل أيضًا تحتوي على أكثر من مائة جسيم أولي، كما أنها تتحكم في قوي الكون الأربعة، والمتملة في القوة الكهرومغناطيسية، والقوة النووية القوية، والقوة النووية الضعيفة والجاذبية.
وهذه القوى الأربعة هي التي تتحكم في مسار الذرة، والتي يتحكم فيها برنامج البعث والفناء، على مدار اللحظة، ويهيمن عليها، بمكونها المادي والنوراني.
ولولا هذا التوازن المنضبط لانهار الكون واختفت الحياة في لحظات.
تعليق واحد