عالم الذرة بين البعث والفناء “3”
من الملاحظ على الذرة ومكوناتها، إنَّها تُنبئنا أنَّ الله سبحانه وتعالى موجود حتى ولو لم نراه، أو كان غيب عنَّا، فكل مكونات الذرة التي تحدث عنها العلم بكل مكوناتها في المعمل، لا نراها بالعين المجردة لأنها غيب عنا، عوضًا عن عدم إدراكنا لها بباقي حواسنا الإدراكية المختلفة.
وكما ذكر الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر، فإنه مع ذلك لا يستطيع أحد من الملحدين، أن ينكر وجود الذرة الموجودة، حولنا في كل شيء وفي كل الكائنات الحية من الإنسان والحيوان والطيور والحشرات والنبات والجماد والميكروبات والفيروسات والفطريات والطفيليات وسائر المخلوقات الأخرى.
وإنكار الملحد لوجود الذرة، ينسف اعتقاده من الأساس، لأنَّه يدَّعي أنَّ العلم طريقه لمعرفة الطبيعة، التي يدَّعي أنها خلقت الكون.
عالم الذرة بين البعث والفناء
ومن ثمَّ فإنَّ الادعاء عن عدم علم أو سوء فهم، أنَّه لا يُؤمن إلا بما هو موجود وبما يحس بوجوده ويشعر به، لأنَّه لا يؤمن بالغيب.
هذا ادعاء كاذب، لا أساس علمي له، لأنَّ إنكار وجود الذرة معناه إنكار وجود الجزيء، وإنكار وجود الجزيء معناه إنكار وجود المادة وإنكار وجود المادة، معناه إنكار وجود الكون والإنسان وسائر المخلوقات الأخرى، وإنكار كل هذه معناه إنكار حياة ووجود الملحد مع أنَّه موجود على قيد الحياة.
فالذرة لم تُخلق عبثًا وإنَّما وجودها دليل على وجود الله سبحانه وتعالى في خلقها المتقن، بهذا الشكل الهندسي الرائع المنظم في محيطها، والدقيق في تكوينها والمتفرد في طبيعة عملها، من ثقلها المتمثل في النواة التي تتكون من بروتون ونيترون والذي يُمثل ثقل الذرة والإلكترون الذي يدور حولها في مدارها بشكل منضبط.
في وجود الطاقة اللازمة لإدارة شئونها وفي وجود القوى الأربعة المتحكمة في الكون في داخلها بالرغم من دقة حجمها، والمتمثلة في القوة النووية القوية والقوة النووية الضعيفة وقوة الجاذبية والقوة الكهرومغناطسية، وكل هذه القوى داعمة لوجود الكون وتمنع انهياره.
القضاء على فكر الملحد
كما أنه في الوقت ذاته الذي ينكر فيه الكافر، قضية البعث بعد الموت في الآخرة تتقلب الذرة في الدنيا بين برنامجي البعث والفناء على مدار اللحظة، فالذرة تُعطينا النموذج والمثل والقدوة والقدرة في إظهار قضية البعث والفناء في الدنيا.
وهذا فيه إعجاز هائل، فطبقًا لمعادلة أينشتاين والتي تتحول فيه الطاقة إلى كتلة في مربع سرعة الضوء طبقًا للنسبية وتتحول فيه الكتلة إلى طاقة وكل هذا يبعث ويفني في لحظات، ثم يعود بناءه وإنتاجه في لحظات وفق منظومة إلهية مبرمجة، بين البعث والفناء، لا يعتريها الزيادة أو النقصان.
وإذا كانت الذرة تُمثل أصغر بناء هندسي في الكون فإنَّها قد أعطت لنا النموذج الواضح على أنَّها جزء من منظومة هائلة، تُدير هذا الكون بحكمة وعلم وخبرة وقوة وقدرة دائمة أزلية لا يصيبها عطب ولا تتوقف عن عملها ما دام في الحياة حياة، إنَّما تقوم بعمل صيانة ذاتية لها، طبقًا للبرنامج المطمور داخلها والموضوع لها زمانًا ومكانًا وكتلة وطاقة.
ومن هنا لا نجد حجة للملحدين في إنكار وجود الذرة بالرغم من عدم رؤيتنا لمكوناتها بشكل عام، وبالقوة المختلفة التي تتحكم فيها وتديرها، والكتلة الموجودة بها، والطاقة المنبعثة منها في الزمكان على امتداد الكون وفي الإنسان وسائر المخلوقات.
الإعجاز في الذَّرة
وهذا فيه إعجاز عظيم، والذي يتمثل في الذرة التي تمثل النموذج، على مدى معرفتنا وعلمنا لسائر المخلوقات، فإذا كان ثقل النواة يُمثل 99.94% من وزن الذرة، فإنَّ هذا النموذج متكرر في الكون وسائر المخلوقات.
أمَّا عن الإعجاز الحقيقي، فليس في أداء الذرة المادية الظاهرة لنا في المعمل، والتي لا نراها بعيننا المجردة، ولكن في الحقيقة والواقع، فإنَّ أداء الذرة النوراني الذي يُدير الذرة المادية، ويشرف عليها من الألف إلى الياء، هو ذلك البرنامج النوراني الغامض، الذي يدير البرنامج المادي الخاص بالذرة ويسيطر عليه.
وهذا البرنامج النوراني يُمثل في عمله وأدائه، تجاه الذرة المادية ومكوناتها، بنسبة قد تصل إلي 99 .99%، ويبقى 0.01%، وهو ما سجله العلماء في المعمل عن الذرة ومكوناتها المادية.
وإذا كانت مكونات الذرة المادية، تتعدى أكثر من مائة وثمانية جزء، فهذا فيه إعجاز مبهر، يؤكد حقيقتين علميتين، الأولى على وجود الله سبحانه وتعالى، حتى ولو لم نراه، والحقيقة الثانية إثبات حقيقة البعث والفناء في الدنيا، وهذا يقضي على فكر الملحد والكافر في الدنيا، فما بالك بالذرة النورانية.
تعليق واحد