مقالات

(2) مكانة العلم والعلماء في الإسلام 

القرآن الكريم كان له الفضل الكبير في تأصيل العلم في نفوس البشر وفي توعيتهم إلى أهمية النظر بفكر وفهم في خلق السماوات والأرض، فإذا كان الدعاء مخ العبادة فإن العلم بمعناه الشامل هو العبادة بمخها لأنه يجعل الإنسان يرى حقيقة الله سبحانه وتعالى فيعبده على علم وبصيرة وتصير العبادة قانونًا ينتشر بين الناس يدركوا به عظمة ربهم فينهلوا من بحار العلم التي ليس لها شطآن.

فيبلغ الإسلام مداه ويصل موقفه من العلم مبلغ الكمال البشري في أنقى صوره فلا تجد دينًا من الأديان أو عقيدة من العقائد كان جل اهتماماتها منصبًا على العلم والمعرفة، مثلما اهتم الإسلام بشرف العلم ومكانة العلماء عند الله سبحانه وتعالى فقرنهما بشهادة الله على نفسه بالوحدانية وشهادة الملائكة على هذه الوحدانية ومعهما شهادة أهل العلم.

فتلك منزلة عظيمة ومكانة كريمة لم يحظى بشرفها أحد من البشر إلَّا أهل العلم في القرآن الكريم.

قال تعالى: “شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ” (آل عمران/ 108).

مكانة العلم والعلماء في الإسلام 

والعلم الذي نقصده في الإسلام الذي يجب أن نعرفه هو العلم الشامل الذي يشمل كل مقتضيات الحياة وحاجات الإنسان المادية والمعنوية وكل ما يتعلق بعلوم الكون والحياة والنظر في كل ما يحيط بالإنسان من مخلوقات وما يقابله من مشاكل ويعاني فيه من عقبات.

فيتمكَّن من الوقوف على أسبابها ويسعى إلى البحث عن حلول منطقية لها تتماشى مع طبيعة الإنسان وحبه للحياة في حضور العقل والقلب والفؤاد فيقدمها في صورة أبحاث قابلة للتطبيق في شتى مجالات وشئون الحياة.

ما يساهم في حل مشاكل الحياة وتسهيل حياة الإنسان وتقديم أفضل ما عنده من خدمات في شتى المجالات ولن يكون كل هذا إلا من خلال طلب العلم والسعي الدؤوب إلى تطبيقه على أرض الواقع حتى يتمكَّن الإنسان من إسعاد نفسه والحافظ على بيئته والكون الموجود حوله.

وبناء الإنسان بالعلم المادي الذي يهتم بماديات الحياة على وجه الإجمال يتساوى مع بنائه بالعلم المعنوي الذي يهتم بروحه من خلال المنهج الذي بعث الله به الأنبياء والرسل.

وهذا التكامل المادي والروحي هو الذي يكون النفس الإنسانية ويجعل لها مكانة بارزة بين مخلوقات الله على الأرض .

فيقوى من شموخ هذا البناء الإنساني الراقي ويحفظه ويحافظ عليه ويجعله عصيًّا على الاختراق من الداخل من قبل الشيطان وأتباعه الجالسين له بالمرصاد ويمنعه من الانهيار من الخارج بفعل عوامل الزمان والمكان الذي يتحكم في مصيره في الحياة الدنيا المؤقتة ويمد في عمره في الآخرة بلا حدود للزمان والمكان.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »