(6) ميلاد عيسى.. الحقيقة والواقع
وإذا كانت أم مريم قد حملت في مريم عليها السلام بلا أسباب علمية أو طبية تؤهلها للحمل لأنها كانت امرأة كبيرة السن وكانت عقيمة لا تلد ومع ذلك ولدت مريم وبعد كفالتها من زكريا عليه السلام زوج خالتها رزق الله سبحانه وتعالى مريم الرزق الوفير بلا أسباب.
وكل هذا كان تمهيدًا لمريم عليها السلام وتذكيرًا لها على أنها سوف تحمل في عيسى عليه السلام بلا أسباب، ترَّبت مِريم وترعرعت في خدمة بيت المقدس وفي كفالة زكريا عليه السلام وفي حضانة خالتها زوجته إلى أن بلغت سن الرشد قيل كان عمرها ثلاثة عشر سنة، بعد أن حاضت حيضتين.
وكانت الإشارة الأولى في القرآن الكريم في سورة آل عمران، تدل على أهمية ومكانة مَريم عليها السلام ومنزلة أهلها في الإسلام فكان اسم آل عمران وهم أهل مريم وعيسى عليهما السلام عنوان ثالث سورة في القرآن الكريم وآياتها 200 آية.
ميلاد مريم
وكان من الممكن أن يُسميها الله سبحانه وتعالى سورة آل محمد بدلًا من آل عمران وهذا يؤكد أن الاسلام دين يحترم الآخر ويقدِّر الآخر ويُعلي من شأن الآخر مثلما فعل مع آل عمران.
ثم وضع اسم مَريم عليها السلام، والذي تكرر في القرآن الكريم 34 مرة عنوان للسورة رقم 19 وآياتها 98 آية، وهي المرأة الوحيد التي ذكر اسمها واسم عائلتها في القرآن الكريم وكان من الممكن أن يسميها الله سبحانه وتعالى سورة خديجة أو سورة عائشة زوجتي الرسول صلى الله عليه وسلم أو سورة فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم.
ولكن سماها سورة مريم احترامًا وتقديرًا لمكانة مريم عليها السلام في الإسلام ومقام عيسى عليه السلام والذي تكرَّر اسمه في القرآن الكريم 25 مرة، أكثر من محمد صلى الله عليه وسلم فتكرَّر اسمه 4 مرات وتكرَّر اسم أسرتها من آل عمران 3 مرات وهذا يؤكد أن الإسلام دين يحترم الآخر ويقدر الآخر ويُعلي من شأن الآخر.
ولذلك وضع القرآن الكريم النقاط على الحروف في معجزة وميلاد خلق عيسى عليه السلام وصحح مفاهيم من ادَّعوا كذبًا وبهتانًا على أنَّ عيسى عليه السلام –دون وجه حق– أنَّه إله أو ابن إله فتحدَّث بوضوح لا لبس فيه ولا غموض عن آل عمران وعن طريقة حمل مريم عليها السلام في ابنها عيسى عليه السلام باعتباره حملًا استثنائيًّا في الزمان والمكان.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر