(18) الإسلام… والقبلتين
هذا تأكيد من الله سبحانه وتعالى أن المسجد الحرام، هو قبلة المسلمين إلى قيام الساعة داخل مكة المكرمة أو خارجها أو في المدينة المنورة أو خارجها أو في أركان الأرض الأربعة وهذا أمر منه سبحانه وتعالى بأن تكون قبلة الصلاة واحدة في الكعبة تجاه الكعبة داخل المسجد والثانية خارج المسجد الحرام والثالثة حول الكرة الأرضية من الجهات جميعًا.
دون خشية من أهل الكتاب والمنافقين الذين ظلموا أنفسهم وغيرهم بعصيان أوامر ربهم قال تعالى: “وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ” (البقرة: 150).
وهذا تأكيد من الله سبحانه وتعالى لرسوله بأن اجعل وجهك جهة المسجد الحرام أو اجعل المسجد الحرام في نصف الدائرة التي أمامك، وهذا معناه أن الكعبة المشرفة في مركز المسجد الحرام والمسجد الحرام في مركز مكة المكرمة المكرمة ومكة المكرمة في مركز الأرض والأرض في مركز السماء الدنيا والسماء الدنيا في مركز السماوات السبعة، والسماوات السبعة في مركز الكون والكون في مركز الأكوان وهكذا.
وهذا معناه أن مكة المكرمة مركز دائرة الأرض، وأن الأرض مسطحة عندما تنظر إليها من داخلها وهي كروية عندما تنظر إليها من خارجها قال تعالى: “خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۖ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ۖ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ۗ أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ” (الزمر: 5).
تحويل قبلة المسلمين إلى البيت الحرام
كما أن أمر تحويل القبلة إلى البيت الحرام من سمات وصفات وخصائص هذه الأمة الوسط، وبالرغم من ذلك جاء اختبار من الله سبحانه وتعالى للجميع، كي يؤكد للرسول من يتبعه في أمر القبلة ومن يعصاه وينكص على عقبية رافضًا أمر القبلة.
فكانت تقوية لإيمان المؤمنين، لأنه سبحانه وتعالى رؤوف بهم لا يريد لهم مشقة ويمنع عنهم البلاء لأنه رحيم بهم، قال تعالى: “وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ ۚ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ” (البقرة: 143).
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر