(23) الإسلام… والقبلتين
لم تقتصر الصلاة على تغيير القبلة والمسجدين فهي الجهة التي يتوجه إليها المصلي في صلاته ولكن الصلاة شاملة لكل مراحلها، بداية من الاستنجاء ومرورًا بالوضوء ودخول الوقت والإعلان عن الصلاة في الأذان ثم إقامة الصلاة من خلال التوجه إلى القبلة وكل هذا يشمل مراحل الصلاة من أولها إلى آخرها.
وبالطبع كان أول الصلاة النظافة والطهارة المادية والمعنوية وآخرها في اكتمال النظافة والطهارة المادية والمعنوية بعد الوقوف أمام الله سبحانه وتعالى والتعرض لنفحات المحراب والتوجه إلى القبلة بشكل تلقائي وشحن ذاتي لمكونات الجسد المادية والنورانية في خلاياه وأنسجته وأعضاءه وأجهزته وكيانه في النفس والذات والجنان.
فيصبح الإنسان إنسان آخر بمواصفات ملائكية تستعلي فيه نورانيته على ماديته، وهكذا في كل وقت يتعرض فيها الإنسان للمزيد والمزيد من نفحات الرحمن التي تملأ كيانه بالهدوء والراحة والطمأنينة، لأنه أصبح في حفظ من الله سبحانه وتعالى وعنايته ورعايته في كل الأوقات.
الصلاة لم تقتصر على تغيير القبلة والمسجدين
ومن هنا كانت أهمية الإشارة إلى الصلاة، بمعناها الواسع في الزمان الذي تصلى فيه وفي المكان الذي تستوعبه والتي تعني في مضمونها الكلي والجزئي، الورع والتقى والإيمان بضمان من الرحمن ومن هنا كانت الإشارة إلى الحفاظ على النظافة وتأكيد أهمية الطهارة المادية والمعنوية.
ومن ثمَّ فإن الاستعداد للصلاة ترفع من حالته المادية والمعنوية وتمده دائمًا بمدد من القوة والحيوية والنشاط والتي تتجدد بانتظام في كل أوقات الصلاة لإنسان كامل في نظافته وطهارته وهيئته، استعدادًا للقاء الله سبحانه وتعالى في كل وقت مع الزينة واللباس الحسن عند الذهاب إلى المسجد، قال تعالى: “يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ” (الأعراف: 31).
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر
تعليق واحد