مقالات

(6) قيم… رمضانية

إذا كان كل شيء في الكون قد خلقه الله على سجيته وطبيعته وقبلت هذه المخلوقات على نفسها في أن تكون مسيرة طائعة لأوامره، فكان هذا الانضباط الكوني الهائل في كل مكونات الكون وتركيبته وفي طريقة وأسلوب إدارته، نجد أنه لم يخرج لحظة عن أداء وظيفته التي كلف بها.

 أمَّا الإنسان الذي قبل في أن يكون مختارًا في الحياة، فقد أفسد الحياة بكل تدخلاته غير المحسوبة نظرًا لقصر نظره وقلة علمه، فإنه يحاول بالتجربة مرارًا وتكرارًا إلى أن يصل إلى أفضل الحلول من وجهة نظره، فإذا بها كارثة على نفسه والكون من حوله فقط من أجل أن يحقق لنفسه مكاسب دنيوية محدودة الأثر لا تبقي ولا تذر وبمجرد تركه الدنيا، يصبح أثر لا يذكر فلا يستطيع أن يقلل من الخسائر التي تعود عليه بالخسران في نهاية حياته.

وكل شيء تدخل فيه الإنسان أفسده، فلم يتمكن من إصلاح الخلل الناتج عن اختياره، لأن ذاتية الإنسان ومصلحته الشخصية وأنانيته هي التي تتحكم في أقواله وأفعاله وأعماله، حتى ولو كان على حساب إنسان آخر.

الانضباط الكوني الهائل في الكون وفساد الإنسان

فالتلوث البيئي الذي يملأ الكرة الأرضية ناتج من أنانية فجلب كل هذه الأمراض المادية والمعنوية التي تعاني منها البشرية وهذا يذكرك بقصر نظره في الحياة فنسي نفسه، فلا يهمه في الحياة سوى حفظ حياته، فيبحث عن طعامه وشرابه حتى يحفظ بهما حياته من الموت ويحفظ نوعه وجنسه من الانقراض بالزواج، ومع ذلك تعدى حدوده فغش طعامه وشرابه فضاعت صحته.

وطاردته الأمراض في مشوار حياته فلا يستطيع إكمالها إلا من خلال تحمل معاناته وعلاج أمراضه وآلامه التي كان السبب في جلبها لنفسه وأهله وجيرانه وهذا راجع إلى أنانية الإنسان وقصر نظره في الحياة.

وهذه القيمة الرمضانية العظيمة السادسة والتي  يجب علينا أن نتعلمها، من منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة، وأفصح لنا فيها رمضان، عن الدائرة الثانية في الدنيا، في انضباط الكون وفساد الإنسان.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »