(17) قيم… رمضانية
إذا كان كل شيء في الكون يبهرك بتقنية خلقه ويشدك إليه بقدرة الصانع على صنعه، فتقف أمامه مبهور لعظم خلقه، حتى خلق الإنسان الضعيف في الزمكان يبهرك بجمال تكوينه وحسن تصويره وعظمة تركيبه وآداء خلاياه وأنسجته وأجهزته وأعضاء وكل مكوناته بشكل مدهش.
يجعلك تفكر دائمًا في جمال وجلال وتقنية خلقه بشكل معجز وبتقنية البرمجة الآلية التي سرعان ما تحول نقطة ماء التي تحتوي على الخلية الذكرية والخلية الأنثوية إلى بشر سوي كامل الأوصاف له حياة وله نسبًا وصهرًا فسبحان الخلاق العظيم.
ولا عجب في ذلك، فقد خلق الله آدم أبو البشر من جماد في صورة تراب ونفخ فيه من روحه، فأصبح بشرًا سويًّا ومن آدم كانت أمنا حواء ومن مريم كان المسيح عيسى بن مريم ومن الزوجين الذكر والأنثى كانت سلالة البشر إلى أن تقوم الساعة بشكل يبهر العقول ويخلب الألباب ويجعلك تسبح بحمد الله دائمًا وأبدًا الذي خلقك من جماد وجعل لك فكرًا في عقلك وعاطفة في قلبك تميزك عن سائر المخلوقات.
قدرة الله الصانع للكون
وإذا كان الإنسان قد مرَّ بمراحل خلقه الأربعة فكان آدم من تراب دون أب أو أم وكانت حواء من آدم دون أم، وكان عيسى بن مريم من أم دون أب وكان خلق البشر جميعًا من أب وأم فإن هذا معناه أن وحدة الخلق في خلق الإنسان من مادة وروح في مراحله الأربعة، تدل دلالة قطعية على وحدة الخالق سبحانه وتعالى، كما أنها تؤكد وحدة المنهج الإلهي لهداية البشر جميعًا.
وإذا تدبرنا خلق الإنسان في بطن أمه، فسنجد عجبًا فانتقاله من نضفة إلى علقة ثم من علقة إلى مضغة مخلقة وغير مخلقة ثم خلق العظام منها وكساها بالعضلات والأوردة والشرايين والأعصاب والأوعية الليمفاوية والأنسجة الضامة بأنواعها المختلفة مع نفخ الروح فيه حتى يصبح بشرًا سويًّا لتأكدت من قوة وعظمة وحكمة الخالق سبحانه وتعالى.
وهذه القيمة الرمضانية العظيمة السابعة عشرة والتي يجب علينا أن نتعلمها من منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة وأفصح لنا فيها رمضان عن الدائرة الثانية في الدنيا وعرفناها في معجزة خلق الإنسان في مراحله المختلفة، فآدم عليه السلام خلق من تراب وحواء خلقت من آدم بلا أم وعيسى خلق من أم بلا أب والبشر جميعًا إلى قيام الساعة خلقوا من أب وأم.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر
2 تعليقات