مقالات

(51) قيمة… رمضانية

لن يكون هنا تعليم متطور إلَّا إذا تعزَّزت التربية في وجود القيم والأخلاق والمبادئ ولن يكون هناك تعليم إلا إذا اعتمد على قدرته في فتح مجالات كثيرة للعلم والمعرفة في شتى المجالات، فالتربية هي عنصر هام من عناصر بناء الأفراد والجماعات والتعليم هو الذي يقوي من هذه التربية ويرفع من شأنها في نفوس الناس في كل الأوقات.

والبداية الحقيقية للتربية والتعليم تبدأ في سن الطفولة، فهي المرحلة الفاصلة بين اكتشاف درجة الذكاء وفرز الموهوبين في هذه السن المبكرة من عمر الطفولة والقدرة على تطويره، والاستفادة منه في كل التخصصات وهذا يستدعي إيجاد وسائل فرز واختبارات لمعرفة الأطفال الموهوبين ودرجة ذكائهم من خلال المنزل والمدرسة والدفع بهم إلى المدارس الذكية، والتي تدار بواسطة المتخصصين الأكفاء لدفعهم إلى مستوى التخصصات التي تؤهل مواهبهم من أجل الاستفادة العملية منهم في كافة شئون المجتمع.

ضرورة الوصول إلى تعليم متطور

ولا ينبغي علينا أن ننتظر هذا الفرز لتلك المواهب فقط ولكن وفي خط متوازٍ نتمكن من عمل هذا الفرز في كل مراحل التعليم المختلفة، حتى نتمكَّن من الإسراع بعملية التنمية الفكرية وتحويلها إلى واقع في حياة الناس يستفيد منها الجميع في أقصر وقت ممكن وهذا يستدعي في نفس الوقت إيجاد مراكز حقيقية تتمكن من إعداد القادة وفرزهم بين مختلف الأعمار مما يسهل علينا تطوير الأفكار الموجودة وخلق أفكار جديدة ومتجددة تؤدي بنا إلى الإبداع والابتكار والاختراع في كل مجال، حتى نتمكَّن من تسهيل حياتنا وجعلها في متناول أيدينا فنعتمد على ذاتنا في تحديد مصيرنا، حتى لا نتركه للآخرين يتلاعبون بنا كل حسب مصالحه وأهدافه ومراميه.

وهذا يؤكده وينمي العمل والإنتاج الذي يصب في خزينة الدولة، في نهاية المطاف عشرات المليارات من الدولارات، لأنه لا قيمة للعمل والإنتاج ما لم يتم ترجمته إلى مال يساهم في حل مشاكل المجتمع الصحة والتعليم وفي كل مجال وهذا يقوي من دورة التعليم والعمل والإنتاج في سلسلة متصلة الحلقات.

ولن نتدخل في تفاصيل مجال البنية التحتية للتعليم بشكل عميق، وإنما في حاجة إلى الدخول فيها بالتدريج من خلال عملية علمية مبرمجة، تعطي الأولوية القصوى للبؤر العلمية التي تحول الفكرة المبتكرة إلى منتج في خلال فترة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن ستة أشهر والتي في حاجة ملحة إلى تأهيل دورة التعليم والتي تشمل على المعلم والطالب والإداريين والموهوبين والمعامل والقاعات الدراسية اللازمة لتطوير العملية التعليمية.

مردود اقتصادي عظيم للتعليم المتطور

والتعليم لن يكون متطورًا إلا إذا كان له مردود اقتصادي ليس فقط على دورة التعليم، بمشتملاتها المختلفة وإنما أيضًا في قدرته على تحويل التعليم إلى منتج يصب في خزينة الدولة عشرات المليارات من الدولارات، لأن التعليم في نهاية المطاف لا يجب أن يكون عبء على خزينة الدولة وإنما يجب أن يكون داعمًا لها من أجل أن تقوم الدولة بمسئولياتها تجاه شعبها، فالتعليم هو القاعدة الذهبية التي تقوم عليها كل الأساسات اللازمة للتقدم العلمي في كل مجال ومنه تبرز الفكرة اللازمة للابتكار والاختراع، مما يمكن دفع الأمة بخطوات واسعة إلى الأمام في طريق التقدم والازدهار.

التعلم من منهج القرآن والنبوة

 وهذه القيمة الرمضانية العظيمة الحادية والخمسون والتي يجب علينا أن نتعلمها من منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة، وأفصح لنا فيها رمضان في الدائرة الثانية في الدنيا والتي تعتبر أن التعليم المنتج يعتبر حجر الأساس في بناء الأمم وتشييد الحضارات.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »