(60) قيم… رمضانية
معرفة الطريق المستقيم بشكل حقيقي وفعال هو الذي يوصلنا إلى الغاية ويمكننا من تحقيق الأهداف المطلوبة إذا تمكنا من المضي قدمًا عليه بشكل متوازن في السياسة والاقتصاد وفي البحث العلمي وتحقيق الإنجازات وتعظيمها، فيسعى المرء المسلم بكل قوة ومن خلالها إلى تحقيق الصالح العام في كل مجال دون إفراط أو تفريط، مصداقًا لقوله تعالى: “إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا” (الإسراء: 9).
وقال تعالى: “وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” (الأنعام: 153).
وهذا يحتاج إلى وجود مكامن للبحث العلمي في كل مجال فيتم توزيع البؤر العلمية فيها بشكل متوازن وفعال من خلال ضوابط ومعايير موضوعية، تمكن المجدين والمبدعين من أخذ مكانهم الطبيعي داخل هذه البؤر العلمية بعيدًا عن المحاباة والتقرب إلى السلطة، والتي كانت السبب في تدمير كل شيء له علاقة بالعلم والبحث فيه بل وكل شيء فيه حياة، وكل خطة تعمل لصالح تنمية البلاد.
وعلى إثر ذلك يتم تجنيد أصحاب الأفكار الجادة والكفاءات والتي يمكن تطبيقها على أرض الواقع وربطها بعجلة الاقتصاد، فيمكن الاستفادة منها في تطوير المنتج ووضعه في بؤرة الاهتمام والذي يدر على الدولة الكثير من الأموال التي تساهم بشكل فعال في الخروج من مأزق البطالة والفقر والجوع والحرمان.
معرفة الطريق المستقيم لتوظيف الأفكار المختلفة
ولا يمكن إهدار بأي حال من الأحوال مثل هذه الأفكار فكل فكرة جادة، ينشأ عنها ابتكار أو اختراع يتم تطبيقه على أرض الواقع هو في حد ذاته إنجاز وهو ترس متقدم في عجلة الإنتاج، الذي لا يجب أن يتوقف عن الدوران في تدوير وتنوير والإكثار من الأفكار والمخترعات في وجود المكافآت المجزية والتقدير والعرفان، لكل هؤلاء المخترعيين الأبطال.
وهكذا تبزغ الأفكار وتبرز الابتكارات وتعم الاختراعات في وجود التشجيع الدائم والدعم المستمر في كل الاتجاهات، والذي يصب في نهاية المطاف، أموال طائلة في خزينة الدولة لا عد لها ولا حسبان، فقط إذا حسنت النيات وأعطت الفرصة للشباب، في التعبير عن رأيه وكل ما يجول في فكره وخاطره في الإيمان بالذات والقدرة الخلاقة على الإبداع والإبتكار، في حلم وحكمة الحكماء .
وفي وجود نظام مؤسسي متماسك يكمل بعضه البعض، في وجود التوافق والتراضي، الذي يقلص من فرص التعارض والمجابهة، لأن الهدف واحد لا لبس فيه ولا غموض، ألا وهو البحث في حل مشاكل الناس، وهذا يتسق مع مصالح الجميع دون تفريق في الأسماء والمسميات ومن ثمَّ يمكن توزيع هذه البؤر العلمية في كل مجالات الحياة المختلفة حتي تكون محضن للأفكار، وحاضنة لكل الابتكارات.
وهذه القيمة الرمضانية العظيمة الستون والتي يجب علينا أن نتعلمها، من منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة وأفصح لنا فيها رمضان في الدائرة الثانية في الدنيا، والدائرة الثالثة في الآخرة، والتي تؤكد أهمية التخطيط السليم اللازم لزيادة العمل وتطوير الإنتاج، فيتحقق الاستقرار في الدنيا ويمكن الناس جميعًا من العبور الآمن إلى الآخرة.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر