(3) إشرقات… رمضانية
ينتفع الإنسان بخيرات ربه ويعيش في عزه وهداه دون مقابل سوى حمده على كل هذه النعم ظاهرها وباطنها بعد كل هذه الحماية التي تصون حياته وتحفظ عليه مادة جسده في أعظم صورها فيمده بكل أسباب استبقاء حياته وكل أسباب الحفاظ على نوعه.
وإذا كان خلق الإنسان من جماد في صورة تراب هو في حد ذاته معجزة إلهية قائمة ودالة على عظمة الله، فإن تسخير كل ما في الحياة لخدمة الإنسان باعتباره السيد والتنبيه الدائم على طاعته تدل دلالة قطعية على حب الله للإنسان الذي خلقه بيديه وجعله خليفته في الأرض.
وجعل كل الكائنات في خدمته، فأعد له الكون قبل أن يخلقه وأمده بكل أسباب البقاء قبل أن يأتي إليه من أجل خدمته، فلا تجد مخلوق من مخلوقات الله والتي خلقت من أجل نفع الإنسان يتأبى أو يتمرد عليه أو يمتنع من تقديم كل فروض الطاعة والولاء له من الجماد والنبات والحشرات والطيور والحيوان، فالكل في خدمته والكل يسهر على راحته لأنَّه صنعة الله التي خلقها في أحسن تقويم حتى غدا الإنسان سيدًا لكل هذه الكائنات.
وخلق كل هذه الأمم وكل هذه الكائنات مسيرة إعجاز من أجل خدمة الإنسان والحفاظ على هويته وبقاءه في الحياة دون من أو عطية منها طالما عاش في هذه الدنيا، فلا وظيفة لها سوى حمايته والدفاع عن مصالحه ووجوده والسهر على راحته، من أجل أن ينعم الإنسان بالراحة والهدوء وطيب العيش والمقام في الدنيا العاجلة، فيعيش بأسبابه وسعيه وجده في الحياة وعلى قدر سعته وطاقته وعمله، في وجود كل الأسباب المعدة له سلفًا بقدر معلوم ونظام محكم ونظام مخابراتي دقيق ومنضبط للحفاظ على طعامه ونوعه ومراقبة كل أفعاله وتصرفاته في ذاته وفي من حوله.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر