(6) خلق آدم من تراب… معجزة إلهية
أمَّا خلق آدم من تراب فقد وقع في الدائرة الثانية في الحياة الدنيا والتي تقع بين قوسين، قوس الدائرة الأولى قبل الخلق، وقوس الدائرة الثالثة بعد الخلق في الآخرة وهذه الدائرة تمثل محور الحديث عن خلق آدم من تراب… معجزة إلهية، وفيها خلق الله الكون وجهزه لاستقبال آدم وأبنائه إلى قيام الساعة، بكل أسباب استبقاء حياتهم بدأ من خلق آدم والذي يمثل الإنسان الأول وانتهاء بالإنسان الأخير قبل القيامة.
آثار خلق الله في الحياة الدنيا
وتمثل الدنيا محور الدائرة الثانية، وفيها آثار خلق الله في الحياة والتي تتمحور بالدرجة الأولى حول خلق الكون والإنسان، ثم غيره من المخلوقات التي تخدمه بالدرجة الثانية ومعلوماتنا عن هذه الدائرة محدودة، إلا بقدر ما علمنا الله عنها وكشف عنها الغطاء، وما علمه الله سبحانه وتعالى لأنبيائه ورسله وقد تم تسجيلها بشكل واضح وصريح في العديد من آيات القرآن الكريم وفي منهج النبوة.
ومن هذا المنطلق يمكن تحديد محتوى هذه الدائرة، والتي يتحكم في وجودها ويسيطر عليها ويهيمن على كل مقدراتها، قوة الله والذي يديرها بشكل غيبي عن الإنسان وغيره من الكائنات، وعلم الإنسان عن الدائرة الثانية عدم وخلقت فيها الحياة الدنيا بكل إمكانياتها متمثلة في الكون والإنسان والمخلوقات التي تخدمه، قال تعالى: “لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ” (غافر: 57).
والغيب المطلق المتعلق بالدائرة الثانية يشمل الروح الآتية من الدائرة الأولى والتي تمثل 99.99% من نفس الإنسان، وغيره من الكائنات الحية مثل الحيوان والطيور والحشرات والنبات والجماد والكائنات الدقيقة وغيرها، كما تعيش فيها مخلوقات غيب مثل المخلوقات النورانية مثل الملائكة والمخلوقات النيرانية مثل الجن في هذه الدائرة.
أما الغيب المحدود عن مادية الإنسان والكون في الدائرة الثانية، والذي يمثل الجزء المادي المحسوس أقل من 0.01%، فيشاهد خارجه بالعين المجردة، ويرى داخله بالوسائل العلمية الحديثة، مثل الميكروسكوبات الضوئية والإلكترونية، فيشمل الكون بما فيه من كواكب ونجوم ومجرات والإنسان والحيوان والطيور والحشرات والنبات والجماد والكائنات الدقيقة.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فالبرغم من معرفة الإنسان بعض من المعلومات الظاهرة عن المخلوقات في الدائرة الثانية في الدنيا إلا أن الغيب فيها أكثر من المشاهدة، وسنثبت بالدليل العلمي أن علم الإنسان في الدنيا يصل إلى درجة العدم.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر