(9) خلق آدم من تراب… معجزة إلهية
إن الحديث عن خلق آدم من تراب، يستدعي معه الحديث عن خلق الكون وما يحتويه من نجوم وكواكب ومجرات والذي يمثل أهم الركائز الأساسية التي تعتمد عليها المخلوقات في الحياة، ويدل دلالة قطعية على عظمة الله، بما يمثله من تحدٍ قائم على مدار الزمان للإنسان ووجوده وعلاقته بالزمان الذي يعيشه والمكان الذي يحتويه.
مما يجعل من الإنسان نقطة ارتكاز في بحر الكون الهائل، الذي لا يحده زمان ولا يستوعبه مكان ولا يستطيع أحد من البشر أن يدرك طبيعة خلقه أو كنهه، إلا بقدر ما علمنا الله سبحانه وتعالى عنه، مما يؤكد ضآلة علم البشر والذي يصل إلى درجة العدم، إذا قورن بعلم خلق الكون.
فإذا كان الكون يمثل هذا التحدي القائم إلى قيام الساعة، فإنه يعتبر المحتوى الظرفي، الذي يحتوي السماء الدنيا ويشغل حيزها الضخم، والذي يصل سعته إلى أكثر من ثلثمائة ألف سنة ضوئية، وفيه خلقت الأرض التي يعيش فيها وعليها الإنسان ويحيى حياته، دون وجود غيرها في سائر الكواكب، بعد أن خلق الله فيها أقواتها وعرف فيها الإنسان، الله سبحانه وتعالى وتعرف عليه من خلال مسيرة الأنبياء والمرسلين على مدار الزمان.
الحديث عن خلق الكون
فخلق الإنسان في الكون بهذا الشكل المعجز، لا يمثل سوى جزء ضئيل ومحدود، في الزمكان فيستوعبه على مدار حياته المؤقته والتي تبدأ بولادته وخروجه إلى الدنيا وتختم بوفاته وخروجه إلى الآخرة في توقيت مقدر ومعلوم بقدر الله سبحانه وتعالى.
وإذا كانت بداية خلق الكون ونقطة انطلاقه وتكوينه، تعتبر لغزًا كبيرًا ما زال يحير الإنسان وبعيدًا عن فكره وتفكيره، فإن مكامن تكوينه بهذا الشكل المعجز وتمدده بهذا الشكل المبهر، وفيه يمثل الكون تحفة فنية معمارية رائعة ولكنها مجهولة الخلق والتكوين والإنشاء والبناء والتعمير والتمدد والاستمرار والانتهاء عن البشر في وجود نظريات عديدة، تتحدث عن بداية خلق الكون والانفجار العظيم وتمدده اللانهائي بأبعاده الأربعة في الطول والعرض والارتفاع والعمق دون تحديد عمر افتراضي لنهايته.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فإذا كانت مساحة الكون المنظور في السماء الدنيا أكثر من ثلثمائة ألف سنة ضوئية، بمعدل تقريبي حوالي عشرة آلاف نونيلليون كم2، والنونيلليون (عشرة أس ثلاثين صفر)، فما بالك بمساحة السماوات السبعة والملأ الأعلى.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر