(20) خلق آدم من تراب… معجزة إلهية
كانت ذرة الهيدروحين النورانية من جزيء الماء الموجود تحت العرش، فحملت نورانية العرش، هي التي خلق منها الكون بسماواته السبعة وأراضيه، بالرغم من صغر حجمها، والذي يساوي واحد من مليار من الميتر ولو وضعت خمسة عشرة مليون ذرة من الهيدروجين في حيز لا تشغل سوى واحد سنتيمتر.
وهذا معناه أن الكون كله يعيش داخل ذرة من الهيدروجين بحجمها الصغير والمحدود والذي لا نرى منه شيء في مراحلها المختلفة، فذرة الهيدروجين هي أصغر الذرات في الجدول الدوري للعناصر الكيميائية وتتكوَّن من بروتون واحد يُشكل النواة وإلكترون واحد يدور حوله، والهيدروجين يُمثل النظير الأكثر وفرة في الكون حيث يكون الهيدروجين نحو 90% من كتلة العناصر الموجود في الكون.
كما أن استمرار الحياة على الأرض لكل الكائنات الحية من بدايتها إلى نهايتها، تعتمد في وجودها على ذرة الأكسجين التي تبعث فيها الحياة، مما يؤكد أنه لولا ذرة الهيدروجين ما خلق الكون، ولولا ذرة الأكسجين ما كانت حياة للبشر ولا الكائنات الأخرى على الأرض.
بل والأعجب من كل ذلك، أن ذرة الأكسجين التي تبعث في الإنسان الحياة، تأتي ذرة الأكسجين الحرة الموجودة في الهواء، كي تسرع من وتيرة فناءه وتعجل بنهايته على الأرض، فهي وراء شيخوخة كل خلايا الإنسان وأنسجته وأعضاءه وأجهزته المختلفة، فتسرع من وتيرة فنائه وتُعجِّل من اختفائه من الحياة وبها تنتهي قصة حياته، مع أنها سبب بقاءه، مصداقًا لقوله تعالى: “وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ” (الأنبياء: 30).
خلق الكون من ذرة الهيدروحين النورانية
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، لأن الحديث عن الماء وخلق الكون، هو حديث العلم الذي يتحدث بشكل علمي عن ذرة الهيدورجين وذرة الأكسجين، وكلاهما يكونان جزيء من الماء الذي يبدأ الحياة على الأرض وبه تنتهي الحياة عليها.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر