(22) خلق آدم من تراب… معجزة إلهية
من هذه النقطة بالذات، يمكن التطرق إلى الحديث الصعب والمجهد عن خلق السماوات والأرض، كما تحدث عنها الله في الكثير من آياته وليس كما تحدث عنها البشر، بأنه خلق السماوات والأرض بشكل تدريجي في ستة أيام، حتى يمكن للإنسان استيعاب وفهم كيفية خلق السماوات والأرض بشكل تدريجي ولكن هل وجدت السماوات والأرض بكن فيكون؟
فالحديث عن خلق السماوات والأرض، يجب أن ينطلق من مبدأ جوهري وأصلي، لا يمكن أن يغيب في شكله ومظهره عن حقيقة أن الإنسان لم يشاهد خلق السماوات والأرض ولا خلق نفسه، حتى يتحدث عنه بشكل مباشر إنما هي استنباطات قد ترقى إلى حقائق علمية، إذا توافقت مع الحقائق العلمية الثابتة التي تحدثت عنها مجمل الآيات القرآنية، قال تعالى: “مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا” (الكهف: 51).
ثم تحدث القرآن الكريم عن خلق السماوات والأرض بشكل مفصل، حتى نفهم طبيعة وعملية الخلق في الحد الأدنى ونتمكن من استيعابها بشكل سهل وبسيط دون تعقيد ودون التطرق إلى تفاصيل، لا يمكن فهمها أو معرفة حدودها كحديثه عن الروح.
ولكن هناك الكثير من الآراء تعتبر أن السماوات والأرض قد خلقت بشكل تدريجي، ولو أراد الله أن يخلقها بكن فيكون، لكن ذلك وهل تم خلق السماوات والأرض معًا مرة واحدة؟، ثم تحدث عن التفصيل فجعل السماوات تسبق الأرض في بعض المراحل وجعل الأرض تسبق السماوات في المراحل الأخرى لكنهما خلق في نفس اللحظة.
وإذا كان هناك علاقة بين الخلق والتكوين وكن فيكون في خلق آدم عليه السلام، بالرغم من الحديث عن خلقه بالتدريج والذي سوف نتحدث عنه بالتفصيل لاحقًا، فالله سبحانه وتعالى قد تحدث عن التدرج في خلق آدم عليه السلام، ثم ربط بين خلقه وخلق عيسى عليه السلام بكن فيكون، مما يعني أن الخلق قد تم لآدم أولًا ثم كشف عن خلقه بكن فيكون، ولكنه تحدث عن التدريج في الخلق الذي حدث لآدم قبل أمره له كن فيكون، قال تعالى: “إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدم خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ” (آل عمران: 59).
وهذا فيه إعجاز هائل وكبير، فآدم وعيسى عليهما السلام خلقا بكن فيكون، بالرغم من الحديث عن التدرج في خلق آدم وعدمه في خلق عيسى وهذا يعود بالدرجة الأولى إلى طلاقة القدرة لله سبحانه وتعالى.