(25) خلق آدم من تراب… معجزة إلهية
من هنا يجب أن نفهم أن الحديث عن خلق الكون وإبداعه بهذا الشكل المعجز، ليس له علاقة بالزمكان، بل كان خارج حدود الزمان والمكان، لأنه لم يكن هناك زمان ولا مكان قبل خلق الكون أو عند خلقه، وإنما ترتب على خلق الكون وجود الزمان ووجود المكان، فكان الزمان والمكان من أحد الأسباب التي ترتب عليها خلق الكون فلا زمان ولا مكان قبل خلق الكون ونشأته.
وبالتالي لم يكن هناك بشر ولا يوم عند خلق الكون ونشأته، ولم يكن هناك علم ولا عقل يبحث في كيفية نشأته قبل خلقه وهذا معناه أن علم الإنسان المبني، على المراحل المختلفة من البديهية والاستنباط والأمية والتقليد والجهل والعلم والظن والشك والوهم غائبة تمامًا عن مشهد خلق الكون، وبالتالي سيكون من الإنصاف أن يكون خارج إطار خلق المشهد الكوني بعد خلق الكون ونشأته.
ولذلك لم يكن من قبيل الصدفة أن يكون الحديث المتعلق بخلق الكون، يعتمد على النظريات والفرضيات المطروحة وليست حقائق علمية، وبالتالي فهو علم قليل القليل أن كان هناك علم أو كان هناك قليل، لأن مدخل خلق الكون والتقديرات الزمنية لخلقه والتقديرات المكانية اللازمة لنشأته ووجوده من العدم إلى المشاهدة هي التي تظهر لنا حجم المعرفة الضئيل جدًا للإنسان عن خلق الكون وخلق الإنسان ووجود الحياة الذي يصل إلى درجة العدم.
ومن هذا المنطلق يمكن البدء في الحديث عن خلق الكون بسماواته وأرضه، والإنصاف يستدعي أن نعود إلى ما قاله الله سبحانه عن كيفية خلق السماوات والأرض، فهو الأحق بالحديث عن خلق كونه وعن كيفية صنعه دون أن يعطينا مزيدًا من التفاصيل عن طبيعة الخلق والتكوين، لأنه من الصعب أن تستوعبه عقولنا وتفهمه، لأننا لم نفهم أنفسنا بالقدر الكافي ولم نعرف بالعلم أين تقع روحنا، مع أنها ملتصقة بعقولنا وقلوبنا وتعيش داخل أنفسنا.
خلق الكون في 6 أيام
فتعالوا نعرف ماذا قال الله عن خلق السماوات والأرض، بعد أن عرفنا مستوى عقلنا وحجم علمنا وقدر معرفتنا القائمة على المعطيات والبراهين، لكي نصل إلى الحقيقة التي لا تتغير وهو أن الله هو خالق الكون ومبدعه وحديثه عنه حديث العلم والحكمة والخبرة.
وهذا فيه إعجاز كبير، لأن الحديث عن خلق الكون في ستة أيام، كلام الله سبحانه وتعالى في آيات القرآن الكريم، ولم يكن هناك يوم بالمعنى الزمني المقصود، الذي يتحدث عنه الإنسان من طلوع الشمس إلى غروبها، لأنه لم يكن هناك شمس عوضًا أن يكون لها شروق أو غروب.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر
تعليق واحد