(29) خلق آدم من تراب… معجزة إلهية
التفسير العلمي الواضح الذي قاله الله عن خلق السماوات والأرض، حثَّ عليه في الكثير من الآيات القرآنية، والتي يدعو فيها الإنسان إلى التدبر والتعقل، في أمر خلق السماوات والأرض، والتفكر وفي عظم خلقهما وأهمية وجودهما وخلقهما في الحياة بهذا الشكل المعجز والتكوين المبهر، وعليه استخدام عقله وقلبه بالرغم من محدودية علمه في فهم حقيقة خلق السماوات والأرض والتي بها يعرف الطريق إلى ربه فيعبده حق عبادته.
وفي نفس الوقت يهيب بالعقل البشري محدود العلم والثقافة عن نفسه وما حوله، البحث في آلية خلق الكون والنظر في مكامن القوة والقدرة الهائلة التي تقف خلف خلق السماوات والأرض ومدى ارتباطهما بحياته، التي تتوقف على وجودهما، فيسعى إلى الربط بين بداية الأحداث التي واكبت خلق السماوات والأرض وامتدادها في الدنيا وحتى نهايتها واختفائها من الوجود كي تحل محلها أرض وسماوات أخرى بمواصفات خاصة، تختلف جذريًّا بشكل كلي وجزئي عن أرض وسماء الدنيا.
ففي اللحظة الأولى من الخلق، كانت بداية خلق السماوات والأرض في عالم الذر غير مميزة بين السماء والأرض ثم تلي ذلك الوصف الجمعي لخلقهما معًا، وسبب خلق ما في الأرض جميعًا وتسوية السماوات السبعة، قال تعالى: “هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ۚ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عليمٌ” (البقرة: 29).
ونتيجة للخلق المتداخل والمتدرج للسماوات والأرض ذكرت السماوات سابقة الأرض في بعض الآيات وذكرت والأرض سابقة السماوات، في بعض الآيات لكن يبدو والله أعلم أن التقديم والتأخير كان له علاقة بحيثيات كل منهما أثناء مراحل الخلق.
التفسير العلمي عن خلق السماوات والأرض
فخلقت السماوات والأرض متداخلين معًا في شكلهما الخارجي في نفس اللحظة مرة واحدة، ثم سويت كل منهما من الداخل بشكل متدرج ومتدخل، فكان خلق السماوات السبعة والأرض في الأربعة أيام الأولى واكتمل خلق الجبال والبركة فيها وتقدير أقواتها في اليومين الخامس والسادس، ثم اكتمل خلق وبناء وتسوية السماوات السبعة ودحي الأرض في نهاية اليوم السادس.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، لأن خلق السماوات والأرض تم بشكل متداخل ومتدرج في ستة أيام من أيام الله سبحانه وتعالى.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر
تعليق واحد