(16) مشروع الفسيلة… ودروس من الهجرة
لا يمكن ترك الحديث عن مشروع الفسيلة، إلَّا بعد رسم خريطة الفسيلة التي تُمثِّل مشروع عالمي، يتم بمقتضاه وضعه كشجرة في الكرة الأرضية، يتم توزيعها بشكل ممنهج من خلال المشاريع المتناهية في الصغر والمشاريع الصغيرة والمشاريع المتوسطة والمشاريع الكبيرة، والمشاريع متعددة الجنسيات على امتداد الكرة الأرضية.
وإذا كان الإنسان الحضاري الأول قد خرج من مصر إلى أوروبا وآسيا، طبقًا للمشروع البحثي لجامعة أكسفورد من خلال دراسة الجيات الوراثية، فإن هذا معناه أن أصول الثمانية مليار إنسان الموجودين الآن على الكرة الأرضية، أصول مصرية لدرجة أن عالم الجينات الإنجليزي قال “المصريون فينا”.
المصريون أصل العالم
وهذه الحقيقة العلمية، بأن المصريين أصل العالم، تؤكدها حقيقة دينية، أشار إليها نوح عليه السلام الأب الثاني للبشر، عندما كان يجلس مع ابنه حام وبنصر بن حام ومصرايم ابن بنصر، وعندما طلب نوح شيء من ابنه حام لم يجبه إلا حفيده مصرايم، فدعى نوح لحفيده مصرايم دعوة ما زالت باقية في مصر حتى الآن وإلى قيام الساعة.
فقال لحفيده مصرايم، والتي نسبت إليه مصر، إنك ستسكن الأرض المباركة وهي أم الدنيا، وبها نهر من أنهار الجنة والمقصود به نهر النيل، فسكن مصرايم مصر، وأنجب أربعة من الذكور، قسم عليهم مصر، وما زال اسم أحدهم أشمون، موجود في اسم قرية ومدينة أشمون بمحافظة المنوفية.
وهذا معناه أنه إذا كانت مكة أم القرى، والتي دحيت منها الكرة الأ رضية، فإن أبناء مصر يملأون هذه القرى بالرجال والنساء، لذلك كانت مكة أم القرى، بالرغم من ضيق مساحتها، البالغة حوالي 700 كم، ومصر أم الدنيا على سعتها البالغة مليون كم، ثم انتقلت إلى اليابسة التي تبلغ مساحتها 149 مليون كم.
وتشمل رسم خريطة توضيحية للفسيلة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء تغطي بظلالها الممتد على طول وعرض الكرة الأرضية وأركانها الأربعة من الشرق والغرب إلى الشمال والجنوب، كي تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها لتوفر الخير والنماء والكفاية والرفاهية لكل البشر على ظهر هذه البسيطة من بني آدم بجذورها وجذوعها وسيقانها وأوراقها وبراعمها وزهورها وثمارها.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر