(60) خلق آدم من تراب… معجزة إلهية
مما لا شك فيه، أنه يمكن تحديد كمية الطاقة المادية المنبعثة من الخلية الواحدة في اليوم، بناء على كمية الطاقة المنبعثة في الثانية الواحدة والتي تقدر بمليار وات طاقة، وعليه فإن كمية الطاقة المنبعثة من الخلية الواحدة، في اليوم الواحد، تقدر بحوالي (86) ستة وثمانون تريليون وأربعمائة مليار وات طاقة في اليوم، فما بالك بكمية الطاقة المنبعثة من مائة تريليون خلية مادية، وما بالك بكمية الطاقة الروحية والنورانية المنبعثة من الروح على مستوى الخلية الواحدة.
هذا المعنى العلمي للكلمة الواحدة وملحقاتها ومكوناتها وتبعاتها، داخل جسم الإنسان، والتي تمثل في مكوناتها الأصول القائمة عليها اللغة، فلولا الكلمة ما كانت اللغة، ولولا الحرف ما كانت الكلمة، فكم يا ترى الطاقة التي تخرج من كل حرف من حروف الكلمة، وهل هناك أحرف له طاقة معينة تختلف عن الأحرف الأخرى، مثل حرف الألف أو حرف الياء، أم أنها في نهاية المطاف هي أحرف أبجدية، تعبر عن كلمات جماعها الطاقة المتجددة والمنبعثة من الخلية الواحدة، أعتقد ذلك.
وإذا كانت الكلمة التي يتكلم بها الإنسان، ولا يلقى لها بالًا، أو حتى التي يلقي لها بالًا، يتم تسجيلها وحفظها، داخل دوائر لا نهائية متصلة من المركز إلى الأطراف في مراكز الذاكرة، المنتشرة في خلاياه وذراته وجسيماتها الأولية، بالصوت والصورة والفيديو، فتترك الكلمة آثارها داخل خلايا الذاكرة.
انطلاق الكلمة في الكون
فإنها وفي نفس الوقت تنطلق الكلمة، سابحة في الكون وعبر الفضاء، مثلها مثل الفلك وسائر المخلوقات البحرية السابحة في الأنهار والبحار والمحيطات، فتترك الكلمة آثارها في الماء، وفي الكواكب والنجوم والمجرات، والمخلوقات السابحة في الفضاء، فتترك الكلمة آثارها في كل مكان في الكون، كما تركته في الإنسان.
قال تعالى: “إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ” (يس: 12).
فالمقصود بالآثار التي تسجل على الإنسان، كل أحوال الإنسان من الألف إلى الياء، ومن الولادة إلى الوفاة، في داخل خلاياه وذراته وأجسامها الأولية، وفي كل ما يتعلق بالأنسجة والأجهزة والأعضاء، من تنفس في الشهيق والزفير ومن طعام ومن هواء وماء، وكل كلمة وكل خطوة يخطوها في الحياة.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فالكلمة وآثارها، تسجل في كل مكان تصل إليه في الأرض والسماء.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر
تعليق واحد