(67) خلق آدم من تراب… معجزة إلهية
الكلمة لها معنى ندركه في نفوسنا ولها أثر نتركه في حياتنا، فالله كلمة وخلق الكون بكلمة، وخلق الملائكة بكلمة وخلق الجن بكلمة وخلق لإنسان بكلمة، ونزل القرآن بالكلمة، وكل شيء في الكون مبني على الكلمة، وكل شيء في الإنسان قائمًا على الكلمة وكل الأنبياء والمرسلين كانت دعوتهم تتركز على الكلمة.
والكلمة ليست أصوات ننطقها أو أحرف نكتبها، فالإيمان بالله كلمة والكفر بالله كلمة، والعقيدة والعبادة والمعاملات كلمة والزواج بكلمة والطلاق بكلمة، والنجاح في الحياة بكلمة والفشل بكلمة ودخول الجنة والنار بكلمة، وكانت الأمانة التي عرضها الله على سائر المخلوقات بكلمة، وتلقى آدم من ربه كلمة.
والكلمة مسئولية نتحملها وأمانة نؤديها، لذلك كان الصدق والأمانة في الكلمة أعظم من الكذب والخيانة والكلمة يمكن تطويرها وتشكيلها، وقد تتحول إلى قرار يُغيِّر حياة الأفراد والجماعات والدول والأمم والقارات، وقد تدخل العالم في تعاون استراتيجي مثمر للبشرية، أو إلى مواجهة عسكرية لا تبقي ولا تذر.
والبديهية كلمة والاستنباط كلمة والعلم كلمة والتقدم كلمة والجهل والتخلف كلمة، والتقليد كلمة والأمية كلمة والظن كلمة والشك كلمة والوهم كلمة والسلام كلمة والحرب كلمة والدنيا كلمة والآخرة كلمة وهكذا.
موضع خروج الكلمة
والكلمة حرف تخرج من العقل والقلب وخلايا الإنسان وذراته، وتحمل في طياتها المادية الخشونة والرعونة وفي طياتها المعنوية الرقة والعاطفة والإتفاق كلمة والاختلاف كلمة وهناك كلمات كتب لها الخلود وكلمات تحرك لها الوجود.
وهناك كلمات غيَّرت مسارات وأحداث كثيرة في الوجود، فهي خلاصة فكر الإنسان وعلمه المحدود ونبع من حكمته وجزء من ضالته المنشودة إذا كانت في الخير، أما إذا وقعت في الشر، فأثرها مدمر ومهلك لكل من إستغلها في الشر وخراب الذمم، وغياب الضمير، لذلك كانت الكلمة التعبير الحي عن الضمير الحي الذي خلقه الله في خلقه.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فلولا الحرف ما وجدت الكلمة ولولا الكلمة ما وجدت اللغة، ولولا اللغة ما وجد العلم والمعرفة ولا التواصل بين البشر، ولفقد الإنسان قيمته ووجوده، لذلك كانت الكلمة أحد أهم الأعمدة السابعة التي بني عليها وجود الكون وبقاءه.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر
تعليق واحد