(10) الإسلام… في ميلاد الرسول
نُلاحظ أن الإسلام الجامع، للإسلام الوصفي والإسلام العلم، قد ورد على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، للتأكيد أن الإسلام الجامع هو الإسلام الذي جاء به، محمد صلى الله عليه وسلم وإسلام أمته، قال تعالى: “وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ” (الزمر: 12).
فكان محمد صلى الله عليه وسلم أول المسلمين، لأنه يُمثل الإسلام الوصفي الذي جاء به الأنبياء والمرسلين، وفي نفس الوقت يمثل الإسلام العلم، الذي كان علامة له وعرفت به أمته فكان الإسلام، جامع بين الإسلامين “الإسلام الوصفي والإسلام العلم”.
قال تعالى: “قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ” (الأنعام: 162- 163).
نبي الله إبراهيم حمل مفتاح الإسلام الوصفي
ومن هنا نلاحظ أن إبراهيم عليه السلام، قد حمل معه مفتاح الإسلام الوصفي، الذي تحدث عنه نوح عليه السلام من قبل، وأكده إبراهيم عليه السلام، بصفته حفيد نوح عليه السلام.
قال تعالى: “وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ علىكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا علىكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ” (الحج: 78).
بينما جاء محمد عليه السلام، حفيد إبراهيم عليه السلام، فأصبح خاتم المرسلين وحمل راية الإسلام بشقيه الوصفي والعلم، والذي أصبح صفة أصيلة وعلامة مميزة، متعلقة بجوهر الإسلام، الذي جمع بين الاثنين الإسلام الوصف والإسلام العلم، لذلك كان محمد صلى الله عليه وسلم، أول المسلمين .
كان هذا البيان الختامي والنهائي، بمثابة إعلان من الله إلى الناس قاطبة، على امتداد الكرة الأرضية، بأن الإسلام الجامع الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، قد نسخ كل الشرائع وكل الأديان السابقة له، وعلى الجميع الدخول فيه طوعًا، إن كان عندهم عقل يفكرون به أو قلب يستوعبون به، الأحداث التي مرت بها الإنسانية على مدار تاريخها من آدم حتى محمد صلى الله عليه وسلم، بعد أن أثبت العلم ذلك.
قال تعالى: “إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ” (المائدة: 19).
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، في أن يعلن محمد صلى الله عليه وسلم أنه أول المسلمين، مع أنه خاتم النبيين، مما يؤكد أنه جمع بين الإسلام الوصفي والإسلام العلم، والذين لما يجتمع لأحد من قبله، فكان أول المسلمين.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر