(27) الإسلام… في ميلاد الرسول
هذا فهم صحيح للواقع الذي نعيشه، فخالق الأرض ومالكها هو الله، وخالق الكون ومالكه هو الله.
وخالق الإنسان ومالكه هو الله، وخالق سائر المخلوقات التي تخدم الإنسان ومالكها هو الله، وإذا كان الدين عند الله الإسلام.
فمن الطبيعي أن يملك الإسلام الأرض وما عليها، قال تعالى: “خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ” (التغابن: 3).
وهذا معناه أن الإسلام الحقيقي، لا يقتصر فهمه على الإنسان، فهو يندرج تحت إسلام السماوات والأرض والجبال وإعلانهم الولاء لله سبحانه وتعالى قبل خلق الإنسان.
قال تعالى: “إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا” (الأحزاب: 72).
فالمقصود بالأمانة التي عُرِضَت على السماوات والأرض والجبال وما فيها ومن فيها، هو الإسلام، الذي ارتضاه الخالق سبحانه وتعالى لمخلوقاته جميعًا، ولم يستثني منه أحد في المبنى والمعنى وفي الظاهر والباطن، وفي الغيب والمشاهدة، وفي كل الأوضاع وفي سائر الأوضاع.
وانضمت إليهم سائر المخلوقات من الحيوانات والطيور والحشرات والنباتات والجمادات والكائنات الدقيقة من ميكروبات وفيروسات وفطريات وطفيليات وغيره.
قال تعالى: “أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ ۖ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ” (النور: 41).
ومعهم انقاد عرش الرحمن وملائكة وسكان الملأ الأعلى وما فيه من مخلوقات، للإسلام الواحد، الذي ارتضاه رب العالمين لكل مخلوقاته.
قال تعالى: “الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ” (غافر: 7).
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، أن تعلن كل المخلوقات في السماوات والأرض، الإيمان بالإسلام الواحد لله رب العالمين.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر