(4) أمريكا… في وجه العاصفة
فجأة تقع أمريكا في مهب الريح كما صنعت من قبل ببلدان العالم عامة والربيع العربي بشكل خاص، دون سابق إنذار أو حتى ظهور مقدمات على السطح، مع أنها عميقة الجذور داخل المجتمع الأمريكي والإدارات الحكومية المتعاقبة في حكمه.
والعاملة على تدبير المؤامرات ضد الشعوب في الخفاء، وما تسريبات ترامب نفسه عن هيلاري كلينتون ببعيد، فإذا به يظهر أثره في العلن في نهاية المطاف رغم أنف الجميع، ورغم أنف المؤسسات القوية والمستقرة في البلد من 200 سنة، فالظلم له نهاية وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، هكذا يحكي لنا التاريخ عن حقيقة الحضارات التي قامت، والحضارات التي انهارت في لحظة من عمر الزمان.
فلم يكن من المتوقع ولا في الأحلام، ولا حتى على أقل تقدير في عقول العالم ولا الأمريكان، أن ينهار الحلم الأمريكي في الحرية والديمقراطية ويشكك فيه الرئيس، بالرغم من أخذ الحيطة والحذر على مر السنوات الطوال، مع ظهور بوادر انقسام شديد في المجتمع الأمريكي.
أمريكا في مهب الريح
فتتلبد الغيوم في الأفق وتمتد إلى السماء ولو من بعيد مثل الغشاواة، فتحول نهار أمريكا إلى ظلام دامس، تظهر فيه الكثير من الغيوم الثقيلة المحملة بالقنابل والبرود في سمائها، فتحول نهارها إلى ليل وظلام قابل للاشتعال في أي لحظة، بعد أن ملك الرئيس عود الثقاب، في وجود براميل من البارود قابلة للانفجار، فيتم تفجير البلاد بعد استعلاء الأنانية الشخصية وحب الذات وتقديمها على مصالح الشعب صاحب القرار، وهذا من فعل الشيطان.
فكان الشرخ كبير وكان الجرح عميق، حتى ولو تم ترميم الجدار المنهار، فسوف تظل مصداقية الرئيس المنتخب على المحك وفاقد للشرعية في نظر وعيون سبعين مليون أمريكي، الذين انتخبوا الرئيس ترامب، فتحولت أمريكا بقدرة قادر ودون سابق إنذار، على الأقل للإدارات المتعاقبة، التي حكموا فيها العالم بالحديد والنار إلى دولة الموز، فأظهرت وبقوة ما كانوا يخفونه من أسرار عن العالم.
فاصبحت أمريكا بقدرة قادر دولة من دول العالم الثالث، يتهم فيها الرئيس والمسئول الأول عن إدارة الانتخابات، منافسه بتزوير الانتخابات وسرقة الأصوات، مثلما يحدث من تزوير في الانتخابات في أدغال إفريقيا ودول العالم الثالث وغيرها من البلاد، وتظل الدولة العميقة في أمريكا المرسومة على شكل مثلث متساوي الأضلاع، والمتمثل في الجيش والشرطة ورجال الأعمال، هي المسيطرة على كل المؤسسات.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر
تعليق واحد