(41) إن الدين عند الله… الإسلام
هذا هو المعنى الحقيقي للحياة حضارات تتوالى وتأخذ حظها من الرُّقيِّ والتقدم والرفاهية والعمران، ثم تضعف وتختفي وتنهار في لحظات، حتى لو عاشت آلاف السنوات.
قال تعالى: “أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ العماد (7) التي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي البلاد (8) وَثَمُودَ الذين جَابُواْ الصخر بالواد (9) وَفِرْعَوْنَ ذِى الأوتاد” (الفجر: 6- 10).
وأنظمة حكم وملوك وحكام وأمراء وجواري وخدم وحشم ومعهم كل أنواع الرفاهية ورغد العيش، فيأتون إلى الدنيا ثم يذهبون إلى الآخرة في لحظات، دون عبرة أو عظة من الحاضر الذي عاشه أو الماضي الذي فات أو المستقبل الذي هو آت، فكلها لحظات.
وما زالت الحضارات تتهاوى وتسقط تبعًا على رؤوس أصحابها، ولم يتمكن أحد من صيانة حضارته أو منعها من الانهيار، فحضارة الفراعنة نموذج ودليل، شاهد على تقدم الفراعنة الحضاري في البناء والمعمار وفي بناء الأهرامات والمعابد والمسلات، والبنيان والرقي في كل ما له علاقة بحياة الإنسان، والتقدم المذهل في كل المجالات وحيازة السلطة والمال والرفاهية، بشتى الأشكال وكل الأنواع، وتركوا كل شيء ذهب إلى الاندثار ولم يأخذوا شيء معهم سوى الآثار.
قال تعالى: “كَمۡ تَرَكُواْ مِن جَنَّٰتٖ وَعُيُونٖ (25) وَزُرُوعٖ وَمَقَامٖ كَرِيمٖ (26) وَنَعۡمَةٖ كَانُواْ فِيهَا فَٰكِهِينَ (27) كَذَٰلِكَۖ وَأَوۡرَثۡنَٰهَا قَوۡمًا ءَاخَرِينَ” (الدخان: 25- 28).
والأعظم من حضارة الفراعنة، حضارة إرم قوم عاد، والتي لم يبقى لها أثر ولا وجود، بالرغم من أنها أعظم من حضارة الفراعنة، فلم يستطع أصحاب هذه الحضارات أن يمنعوها من السقوط والاحتضار أو يحموها من الوقوع والانهيار، بالرغم من القوة التي كانوا يملكونها والجبروت والطغيان.
كل أمة لها أجل محدد
وهذا معناه أن كل أمة لها أجل محدد، تمر به صعودًا وهبوطًا في مراحل حياتها المختلفة، مثل المراحل المختلفة التي يمر بها عمر الإنسان وعند النهاية في أرذل العمر، فلا يستطيع الإنسان كما لا تستطيع الحضارات، أن تتقدم خطوة واحدة عنه إلى الأمام ولا تستطيع أن تعود خطوة واحدة إلى الخلف دوران.
قال تعالى: “مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ” (المؤمنون: 43).
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فالحضارات في صعودها وهبوطها مثل الإنسان لا تستطيع أن تتقدم خطوة واحدة إلى الأمام ولا تستطيع أن تعود خطوة واحدة إلى الوراء، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر