(45) إن الدين عند الله… الإسلام
في الإنسان النموذج والمؤقت والمخلوق إلى أجل مسمى، تُمثِّل الخلية المخصبة، الأساس التي ينشأ منها الجنين والجنين يصير طفل، والطفل يصير رجل، والرجل يصبح شيخ، ثم يترك الحياة ويغادرها في موعود موقوت وزمن محدود أتى به إلى الدنيا.
فيتسابق فيه وبه، برنامج البعث مع برنامج الفناء في كل خلية من خلايا الإنسان، فأيهما يسبق، فيترك بصمته بالحياة في البعث أو يترك بصمته بالموت في الفناء، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.
فكان للبعث اليد الطولى، في بقاء واستمرار الحياة في إطار البعث، وكان للفناء اليد الطولى في ضبط آلية عمل برنامج البعث حتى تستمر الحياة، أمَّا إذا كان لبرنامج الفناء اليد الطولى، اختفى برنامج البعث وحلَّ محلّه برنامج الفناء فيموت الإنسان، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.
وسر الخلق يكمن في استمرار الحياة بالبعث وانتهائها بالفناء، ويؤكد عظمة الخالق الله، لأنها تُمثل معادلة صفرية مبهمة وغامضة بين البعث والفناء، تبدأ بالحياة وتنتهي بالموت دون معرفة الأسباب والمسببات، في غموض العوامل التي تؤدي إلى عيش النقيضين معًا ووجودهما في البعث والفناء، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.
وما يحدث في أعمار الناس في الحياة، يحدث مع حياة الناس الدوارة في الحياة، فقانون التغيير في الحياة هو الأصل وغيره الاستثناء وهو الذي يحكم العلاقة بين الإنسان والحياة، ويتحكم في مصائر المخلوقات جميعًا.
فالحاكم يصبح محكوم والمحكوم يصير حاكم والصحيح يصبح مريض والمريض يصير سليم والقوي يصبح ضعيف والضعيف يصير قوي والفقير يصبح غني والغني يصير فقيرًا والميت يصبح حي والحي يصير ميت، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.
لا شيء يبقى على حاله في الحياة
فما يجب علينا، أن نفهمه ونستوعبه من هذه الحياة، أن الإنسان ابن أغيار، وهذا معناه أنه لا يبقى على حال في الحياة في السلطة والحكم والصحة والمرض والفرح والحزن، والفقر والغني والقوة والضعف والحياة والموت.
فلا شيء يبقى على حاله وستظل الدنيا هكذا، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهذا محور سر الخالق في خلقه، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، يؤكد أن دورة حياة الإنسان بين دفتي البعث والفناء، يتحكم فيها السر الإلهي، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر
تعليق واحد