(48) إن الدين عند الله… الإسلام
إذا كانت المكاسب المادية كثيرة عند السير في طريق الصراط المستقيم، وعلى هدى الطريق المستقيم، فإن المكاسب المعنوية لا تُعد ولا تحصى، لكل من المستقيم والمنحرف، وكان يجب على الجميع الاستثمار في هذا الطريق الذي لا عوج فيه.
فإنَّ السير في طريق الانحراف لا يعطي المنحرف الكثير، بل يحرمه من الكثير ويعطيه القليل، الذي لا يستفيد منه في طريق الدنيا المليء بالمشاكل، وطريق الآخرة الوعر والمليء بكل الأشواك، ومن هنا كان من الأهمية بمكان تقييم الآثار المترتبة على الطريقين لكلا الجانبين.
وما بين الطريق المستقيم والطريق المعوج، يظهر فيه نبل الإنسان الذي قبل على نفسه أن يكون مخير في إطار التسيير، لا مسيرًا في إطار التخيير، لأن الهدف واحد في إعلان الولاء لله، على كلا الحالتين التخيير والتسير.
فالإسلام دين الماضي والحاضر والمستقبل ويؤمن حياة الناس، في الماضي والحاضر والمستقبل ويحول الإنسان إلى كتلة متحركة من صناعة الخير وتنميته ويجعل الإنسان يستقبل مقادير الله بالرضا، لأنه يعيش في مجتمع إيماني.
فأمن حاجة الفقير وحمى الغني على حد سواء، فالغني حين يدفع الزكاة والصدقات، فإنه يأخذها إذا افتقر، وعندما يرعى الغني يتيم أو مسكين في حياته، فإنه حثَّ المجتمع وقيده على تقديم الحماية والرعاية لأولاده بعد مماته، إنْ ترك أولاده صغار، واعتبر كل المجتمع لهم آباء.
أما إنْ ضاع حق الفقير واليتيم في مجتمع الإيمان، فإن ذلك يفتح باب السخط على مصراعيه، ويقلل من الثقة واليقين في الله وقدره بين الناس.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، يؤكد أن الصراط المستقيم، هو صراط الله للمؤمنين وأن الصراط المعوج هو صراط المغضوب عليهم ولا الضالين، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر