(53) إن الدين عند الله… الإسلام
عملية اندماج الروح وامتزاجها وخلطها بالجسد، من أجل خلق النفس الإنسانية، بعد التقاء الروح بالجسد، في صورة إنسان له كيان عملية معقدة وغامضة عن العقل، ومبهمة عن العلم ولا دور للفكر فيها، إنَّما هي سر دفين، يتم فيه دفن الروح داخل الجسد، دون وجود أي مبرر عقلي أو علمي يستطيع أن يستوعب هذا الفعل الذي يفوق الخيال أو يستنبط السبب وراء ذلك، سوى الامتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.
أمَّا قضية انفصال الروح عن الجسد أو انفصال الجسد عن الروح عند الموت، فلا قبل للعقل باستيعابها، ولا قدرة للعلم على فهمها، فكما أنه لم يفهم أحد من العلماء كيفية دخول الروح الجسد، لا يستطيع أحد أن يبرهن على كيفية خروج الروح من الجسد.
وهذا فيه إعجاز لفكر المتحالفين مع الشيطان، الذين يحاولون استبعاد الإسلام من دائرة الأحدث، مع أنه منشأها وموجدها، وسبب وجودها واستمرارها، فلا وجود لفكر الكافر والملحد والمشرك والمنافق والعلماني، عند الحديث عن الروح وأهميتها في بعث الحياة في الجسد.
في كلا الحالتين، الجسد هو الخاسر، لأن الروح إذا دخلته بعثت في الحياة، لأسباب غير معروفة بالمنطق والعقل، وإذا خرجت منه وذهبت إلى خالقها كما جاءت، فقد الإنسان على إثرها الحياة وذهب جسده إلى التراب، فأصبح تراب.
ومن هنا نلاحظ أن الروح مرتبطة بالجسد برباط وثيق، في كيانه وفي سائر مكوناته، ولكن لا أحد يعرف طبيعة ومهمة هذا الارتباط بين الروح والجسد ولا طبيعة المواد اللاصقة التي تلصق الروح بالجسد، إذا كان هناك مواد لاصقة مادية بالمعنى المادي للكلمة، أو هناك مواد لاصقة نورانية بالمعنى النوراني للكلمة.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، يجعل من الصلة الحميمة بين الروح والجسد، سر من أسرار الخالق في خلقه، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر