(66) إن الدين عند الله… الإسلام
ففي الحياة يتمثل النوم في صورة الموت في مراحله المختلفة، ويمثل صمام أمن وأمان للحياة، ويقوم النوم مقام نصف الموت أو الموتة الصغرى، وفي النوم راحة للجسم والعقل، وفيه تتوقف كل الوظائف والعمليات الحيوية المتعلقة بحياة الإنسان وعمله وحركته في الحياة.
فإذا كانت الحركة والنشاط دليل على اليقظة والحياة، فإن النوم تغيب فيه الحركة والكلام، وتختفي فيه الإرادة الواعية وتتوقف معه الحواس، بشكل جزئي أو كلي، دون فهم لمقتضى الحال الذي عليه الإنسان سوى أنه انتقل من اليقظة إلى النوم.
وكأن النوم الذي يمثل الموت، عملية روتينية يتدرب عليها الإنسان في حياته، استعدادًا للموتة الكبرى في الآخرة، والمتعلقة بفراق الدنيا والذهاب إلى الآخرة.
فالإنسان يتقلب بين الموت والحياة في الدنيا، استعدادًا للآخرة لعله يفيق من غفلته، ويتعظ من غفوته، فمن الواضح أن الموت هو الأصل في حياة الانسان، بينما الحياة هي الاستثناء ولولا الموت في الحياة، الذي يمثله النوم ما كانت الحياة.
ومن هنا نلاحظ أن الموت لا يترك الحياة في الحياة، والتي تظل مربوطة به إلى أن يترك الإنسان الحياة بالموتة الكبرى والرحيل من الدنيا.
وفي الحياة تتعدد مراحل الموت المختلفة للموت والمتغيرة في النوم، من مرحلة إلى أخرى، فقد يكون النوم غفوة أو غفلة أو سنة.
قال تعالى: “اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعلى الْعَظِيمُ” (البقرة: 255).
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، يجمع فيه الإنسان بين اليقظة والنوم، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر