(14) الكلمة الفصل… في جمع القرآن الكريم
من الملاحظ ، أن توثيق القرآن الكريم وجمعه ، قد تم في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ، كتابًا وقرآنًا عربيًّا ، ولا يوجد أي دور للصحابة رضوان الله عليهم جميعا ، في الخلافة الراشوة ، في جمع القرآن الكريم ،كتابًا وقرآنًا عربيًّا ، لأنه مجموع بنص الآيات القرآنية المتعاقبة في حياة الرسول صلي الله عليه وسلم ، إلا من قبل الأحاديث الجانبية ، والروايات الكثيرة المتواترة والمتعثرة ، في كتابي الأماميين البخاري ومسلم وغيرهما، فأيهما نختار؟ ، أيات القرآن الكريم، أم الروايات المتعثرة والمتناثرة ، بالطبع نختار أيات القرآن الكريم ، لإن فيها الدليل القاطع والبرهان الساطع ،على الطريقة التي جمع بها القرآن الكريم.
كما أن مستوى ، جمع القرآن الكريم ، أعلى من مستوى الصحابة جميعًا ، لبشريتهم ، وقد أخطأوا في الكثير من المواقف، في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبعد وفاته، لأنهم بشر، مثل ماحدث في غزوة بدر الكبرى، وغيرها، قال تعالى: ( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ۚ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) الأنفال 67 .
فكيف يوكل الله سبحانه وتعالى ، أمر جمع كتابه ، القرآن الكريم ، إلى الصحابة ليجمعوه، وهم بشر يصيبون ويخطئون ، ولا غضاضة ، أن يطلبوا عرض الحياة الدنيا ، ففي غزوة أحد ، خالف الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليؤكد الله سبحانه وتعالى على بشريتهم، قال تعالى: ( وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ ۚ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۚ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ ۖ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) آل عمران 152 .
فكيف يؤتمن البشر، الذين يصيبون ويخطئون ، على جمع القرآن الكريم ، حتى ولو كانوا في مقام ومنزلة الصحابة الكرام ، الذي يريد البعض منهم الحياة الدنيا ، كما ورد في القرآن الكريم ، والذي حدث بينهم ما حدث من خلافات وحروب ، في عهد الخلافة الراشدة، إنتهت بسقوطها ، والقرآن الكريم ، ليس له في كتابته وجمعه، سوى احتمال واحد ، وهو الصواب ، ولا شيء غيره ، وإذا كان جبريل عليه السلام لا يستطيع ، لوحده ، جمع القرآن الكريم ، وإذا كان محمد صلى الله عليه وسلم لايستطيع ، لوحده ، جمع القرآن الكريم، فكيف يترك الله سبحانه وتعالى كتابه للصحابة لجمعه؟