(49) الكلمة الفصل… في جمع القرآن الكريم
إذا كان خروج الحرف من الإنسان بالكلام، يعبر عما يجول داخل الإنسان باللسان، فإن الكلمة تخرج مترابطة ومربوطة، ومحبوكة في أحرفها، بشكل مرتب ومنظم، مما يؤكد على ذاتية الكلمة، وأن كل حرف له ذاتية، ومحفوظ في ذات ماديته ونورانيته، وله بصمة يخرج بها، وله ملك يحفظه، فلا يمكن أن تنطق مثلا اسم “محمد” إلا بترابط اسم حروفه، مرتبة ومنسقة ومنظمة بحيث تبدأ بحرف م ثم حرف ح ثم حرف م ثم حرف د “م – ح – م –د” ومسماها “محمد”.
فلا يمكن أن يسبق حرف “ح ” حرف ” م “، فتنطق كلمة في اسم لا معنى له “حممد”، ولا يمكن أن يسبق حرف ” م ” الثاني حرف ” د” فتنطق كلمة في اسم لا معنى له، (محدم)، مما يؤكد على أن الكلام على مستوى البشر مترابط، في اسم الحرف وفي مسمى الحرف، فلا يحدث فيه خلل، وإلا فقدت الكلمة معناها، وفقدت ترابطها في انتظام أحرفها فتصبح ” محمد ” بدلا من “حممد ” أو “محدم “.
ذرات الإنسان
فإذا كان الإنسان، لا يحدث فيه خلل في ذراته وخلاياه وأنسجته وأعضائه وأجهزته، ولا يحدث خلل في نطق كلامه في اسم الحرف، وفي مسمى الحرف على مستوى كلامه مع نفسه ومع الآخرين في أحرفه وكلماته وجمله وعباراته، التي يصيغها الإنسان بنفسه في حياته بنفسه، من أجل أن يتعرف على الناس، ويعرفه الآخرين بكلامه.
فإذا كان كل ذلك يحدث للإنسان مع مكوناته وكلامه، دون وجود خلل مادي في المبني وفي المعني، فما بالنا نحن البشر، بكلام الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، المحفوظ في ذاته المادية والنورانية، وكل حرف له بصمة مادية ونورانية، في المبنى والمعنى، وكل حرف له ملك يحفظه أو ملائكة، فبعد كل هذا الحفظ والجمع، في اللوح المحفوظ، كتابًا وقرآنًا عربيًّا، يستطيع أحد من البشر أن يستدرك على القرآن الكريم أو يدلو فيه بدلوه إن كان عنده دلو، ويتحدث عن جمعه.
ومن المعاني المستنبطة، في هذه المرحلة وكل المراحل السبعة لنزول القرآن الكريم، أن أحرف وكلمات وآيات القرآن الكريم، محفوظة بنورانيتها، فحفظ في ذات أحرفه النورانية، وحفظ في ذات كلماته النورانية، وحفظ في ذات آياته النورانية وحفظ في ذات سوره النورانية، والتي ليس لها حدود في الزمان والمكان، مثل نورانية الروح، فلا يمكن تبديل حرف نوراني بحرف نوراني آخر، ولا يمكن تبديل كلمة نورانية بكلمة نورانية أخرى، ولا يمكن تبديل آية نورانية بآية نورانية أخرى ولا يمكن تبديل سورة نورانية بسورة نورانية أخرى في المعنى.
الأحرف والكلمات والآيات والسور
فعلاقة الأحرف والكلمات والآيات والسور، بمكونها المادي والنوراني، لا يمكن تغييره، ولا يمكن تبديله، مثل العلاقة بين الروح والجسد، فعلى مستوى الجسد المادي، لا يمكن تبديل خلية مادية بخلية مادية أخرى، ولا يمكن تبديل ذرة مادية داخل الخلية الواحدة، بذرة مادية أخرى.
ولا يمكن تبديل ذرات داخل الخلية الواحدة بذرات أخرى، ولا يمكن تبديل نسيج بنسيج آخر، ولا يمكن تبديل عضو بعضو آخر، ولا يمكن تبديل جهاز بجهاز آخر في الجسد الواحد، فكل مكون من مكونات الجسد، منسجمة مع بعضها البعض الآخر، وكل واحد منها، له وظيفة يقوم بها، وله مكان ومكين، في الشكل والمضمون، يوضع في مكانه، كي يقوم بوظيفته على أكمل وجه، فلا يمكن مثلا وضع الجلد مكان الخصية أو القلب مكان المخ، أو الكلى مكان الكبد وهكذا.
وعلى مستوى الروح النورانية، فلا يمكن تبديل ذرة نورانية بذرة نورانية أخرى داخل الخلية النورانية الواحدة، ولا يمكن تبديل ذرات نورانية داخل الخلية الواحدة بذرات نورانية أخرى، ولا يمكن تبديل نسيج نوراني بنسيج نوراني آخر، ولا يمكن تبديل عضو نوراني بعضو نوراني آخر، ولا يمكن تبديل جهاز نوراني بجهاز نوراني آخر في داخل الجسد الواحد.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر