(69) الكلمة الفصل… في جمع القرآن الكريم

من المعاني المستنبطة في المرحلة الرابعة في بيت العزة في السماء الدنيا، أن القرآن الكريم، حفظ في ذات أحرفه، وحفظ في ذات كلماته، وحفظ في ذات آياته، فلا يمكن تبديل حرف مكان حرف، ولا يمكن تبديل كلمة مكان كلمة، ولا يمكن تبديل آية مكان آية، فهو محفوظ في ذات أحرفه وكلماته وآياته ماديًّا.

ومن المعاني المستنبطة في هذه المرحلة، وكل المراحل السبعة لنزول القرآن الكريم، أن أحرف وكلمات وآيات القرآن الكريم، محفوظة بنورانيتها أيضًا، فحفظ في ذات أحرفه النورانية، وحفظ في ذات كلماته النورانية، وحفظ في ذات آياته النورانية، والتي ليس لها حدود في الزمان والمكان، مثل نورانية الروح ،فلا يمكن تبديل حرف نوراني بحرف نوراني آخر، ولا يمكن تبديل كلمة نورانية بكلمة نورانية أخرى،ولا يمكن تبديل آية نورانية بآية نورانية أخرى، ولا يمكن تبديل سورة نورانية بسورة نورانية أخرى.

المعاني المستنبطة وعلاقة الأحرف والكلمات والآيات بمكونها النوراني

فعلاقة الأحرف والكلمات والآيات المادية، بمكونها النوراني، لا يمكن تغييره ولا يمكن تبديله، مثل العلاقة بين الروح والجسد، فعلى مستوى الجسد المادي، لا يمكن تبديل ذرة مادية بذرة مادية أخرى داخل الخلية الواحدة، ولا يمكن تبديل ذرات داخل الخلية الواحدة بذرات أخرى، ولا يمكن تبديل نسيج بنسيج آخر، ولا يمكن تبديل عضو بعضو آخر، ولا يمكن تبديل جهاز بجهاز آخر في الجسد الواحد.

فكل مكون من مكونات الجسد له وظيفة يقوم بها، وله مكان ومكين، في الشكل والمضمون، يوضع في مكانه، كي يقوم بوظيفته على أكمل وجه، فلا يمكن مثلا وضع الجلد مكان الخصية، أو وضع القلب مكان المخ، أو وضع الكلي مكان الكبد وهكذا.

الروح النورانية

وعلى مستوى الروح النورانية، فلا يمكن تبديل ذرة نورانية بذرة نورانية أخرى داخل الخلية النورانية الواحدة، ولا يمكن تبديل ذرات نورانية داخل الخلية الواحدة بذرات نورانية أخرى، ولا يمكن تبديل نسيج نوراني بنسيج نوراني آخر، ولا يمكن تبديل عضو نوراني بعضو نوراني آخر، ولا يمكن تبديل جهاز نوراني بجهاز نوراني آخر في الجسد الواحد، فكل مكون من مكونات الجسد النورانية له وظيفة يقوم بها، وله مكان ومكين، في الشكل والمضمون، يوضع في مكانه، كي يقوم بوظيفته على أكمل وجه، فلا يمكن مثلا وضع الجلد النوراني مكان الخصية النورانية، ولا يمكن وضع القلب النوراني مكان المخ النوراني، ولا يمكن وضع  الكلي النورانية مكان الكبد النوراني، وهكذا.

وما ينطبق على الخلايا والأنسجة والأعضاء والأجهزة المادية والنورانية، ينطبق على الجسد بمكوناته المختلفة، فلا يمكن تبديل الجسد الواحد لشخص بجسد مادي آخر، ولا يمكن تبديل الروح النورانية لشخص، بروح نورانية أخرى في الإنسان الواحد، فما بالك بتغيير الروح والجسد معًا، أو تبديل الجسد والروح، في أخرين، هل يمكن حدوث ذلك؟ بالتأكيد من المستحيل، أن تحدث هذه التباديل وتلك التوافيق، على مستوى العلاقة بين الروح والجسد في الإنسان.

الكون وكواكبه ونجومه ومجراته

أما على مستوى الكون وما فيه من كواكب ونجوم ومجرات، فلايمكن أن ينتقل كوكب الأرض مثلا ،  التابع للمجموعة الشمسية في مجرة درب التبانة، إلى مجرة أخرى خارج درب التبانة، لسبب بسيط وهو أن بصمة الأرض متعلقة بالمجموعة الشمسية في درب التبانة ، كذلك لا يمكن أن تخرج الشمس عن مداراها في درب التبانة لتحل محلها شمس أخرى في نفس المجرة ، علما بأن مجرة درب التبانة  تحتوي على مائة مليار شمس أصغرها شمسنا ، فما بالنا بمئات الترليونات من الكواكب والنجوم في مجرات الكون التي لا تقل عن ثلاثة ترليون مجرة كل مجرة بها ترليون كوكب ونجم.

وإذا كان ذلك كذلك ، فإن هذا الانضباط الحادث على مستوى خلق الإنسان وخلق الكون لا خلل فيه، فهل يمكن أن يحدث هذا الخلل في جمع القرآن الكريم،على مستوى الأحرف والكلمات والآيات، التي نزل بها القرآن الكريم، ومرت بسلسلة متصلة ومتواصلة، في المراحل السبعة النورانية، والتي لا يمكن فيها فصل مرحلة عن أخرى، فهذا من رابع المستحيلات، هذا على مستوى فكر البشر.

فما بالك بحفظ القرآن الكريم، على مستوى الملأ الأعلى، وعلي مستوي قدرة الله سبحانه وتعالى، خالق الأرض والسموات، في حفظ كتابه، كما حفظ الكون في كواكبه ونجومه ومجراته، فلا تختل، وكما حفظ الإنسان في خلاياه وأنسجته وأعضائه فلاتصاب بالخلل أو العطب.

وهذا معناه أيضًا أن كل مرحلة، من مراحل نزول القرآن الكريم، مجموع فيها كل المراحل السبع، محصنة، والتي نزل بها القرآن الكريم، مما يؤكد على أن المراحل السبعة وحدة واحدة متصلة ومتواصلة مع بعضها البعض الآخر مثل الأحرف والكلمات والآيات، التي تكون سور القرآن الكريم، فلا يمكن فصل مرحلة عن مرحلة أخرى، وأنها واحد في سبعة، وسبعة في واحد.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر