(76) الكلمة الفصل… في جمع القرآن الكريم
بعد الانتهاء من استعراض المراحل النورانية الخمسة التي نزل بها القرآن الكريم، هناك أسئلة كثيرة عالقة وشائكة، متعلقة بنورانية القرآن الكريم، فمن الواجب أن يكون فيها وقفة، من أجل إجلاء بعض الحقائق، إن كان هناك قدرة على إجلائها وإيضاحها،وإظهار بعض من حقائقها من خلال البحث والتقصي.
فالتذكير الدائم، بأن أحرف وكلمات وآيات وسور القرآن الكريم، حُفظت نورانيًّا بشكل ذاتي، وكانت تتلقفها الأيدي النورانية من مرحلة إلى أخرى، في الملأ الأعلى، لايمكن تصورها أو الحديث عنها إلا من خلال آيات القرآن الكريم.
قال تعالى: (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الأعراف 157.
أحرف القرآن الكريم
ولكن من الملاحظ أن أحرف القرآن الكريم المادية في الأرض، مكتوبة ومقروءه، في أحرف وكلمات وآيات وسور مادية وليست نورانية، بالرغم من مصدرها النوراني في الملأ الأعلى، فما الذي جعلها حروفًا مادية في الأرض، بالرغم من أصلها النوراني في الملأ الأعلى، وهل هذا يتماشى مع طبيعة خلق البشر، الذي يغلب فيه الجسد المعتم بماديته على الروح النورانية بشفافيتها.
لاشك في نورانية القرآن الكريم، ولكن كيف يمكن للملك النوراني، في صورة جبريل عليه السلام، قراءة أحرف القرآن الكريم باللغة العربية، مع إنه ملك نوراني، فهل كانت تظهر له الحروف النورانية فيقرأها بشكل نوراني، وعندما يلتقي بالرسول صلى الله عليه وسلم، تظهر حروفه المادية، المتعلقة ببشرية محمد صلى الله عليه وسلم، فيقرأها بشكل مادي.
قال تعالى: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا) التغابن 8.
وهل كانت حروف القرأن الكريم، تظهر في شكل، حروف مادية يغلب عليها النورانية وذائبة فيها فتصبح نورانية مع إنها مادية، فيقرأها جبريل عليه السلام، أو حروف نورانية يغلب عليه المادية وذائبة فيها فتصبح مادية مع إنها نورانية، فيقرأها محمد صلى الله عليه وسلم.
جبريل ومحمد عليهما السلام
وهل كان جبريل ومحمد عليهما السلام، يرى كل واحد منهما الحرف في شكله المادي الظاهر أم في شكله النوراني الأصل؟وهل كان جبريل عليه السلام، يراه نورانيًّا ومحمد صلى الله عليه وسلم يراه ماديًّا، أم يراه جبريل ماديًّا تطغي عليه النورانية، ويراه محمد صلى الله عليه وسلم، نورانيًّا تطغى عليه المادية، فالذي يحدد الرؤيا هنا هو نورانية جبريل وبشرية محمد عليهما السلام.
قال تعالى: (نزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) الشعراء 193.
وهل ذاب الحرف المادي في الحرف النوراني، فرأه جبريل نورانيًّا بطبعه وعليه بصمة مادية، أم ذاب الحرف النوراني في الحرف المادي،فرأه محمد صلى الله عليه وسلم ماديًّا بطبعة وعليه بصمة نورانية، أم رأه جبريل ومحمد عليهما السلام، ماديًّا ببصمة نورانية، أو نورانيًّا ببصمة مادية.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا) النساء 174.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر