(100) الكلمة الفصل… في جمع القرآن الكريم
إذا كان كل حرف، وكل كلمة، وكل أيه، وكل سورة، من آيات وسور القرآن الكريم، لها مبني ولها معني، مثل توزيع الكواكب والنجوم والمجرات، وتوزيع الخلايا والأعضاء وأجهزة الجسم المختلفة، بحيث تمثل كل منها واحدة وحدة قائمة ومتجانسة مع بعضها البعض الأخر، في الوظيفة والتكوين، ولها دور محوري، في الحفاظ علي وجود القرءان الكريم، والكون، و الإنسان.
واذا كانت كل سورة من سور القرآن الكريم مترابطها في أحرفها وكلماته، مثل ترابط الكواكب والنجوم في كل مجرة في الكون المنظور، ومثل ترابط الخلايا والأنسجة والأعضاء في كل جهاز في الجسم، فيكون مجموع الأحرف والكلمات والآيات والسور هو القرءان الكريم، ويكون مجموع الكواكب والنجوم والمجرات هو الكون، ويكون مجموع الخلايا والأعضاء والأجهزة هو جسم الإنسان، بما يحمله من مبني في تكوينه، ومعني في وجوده وكيانه، ماديا ونورانيا.
وهذا ليس غريبا ولا عجيبا، فالذي أنزل القرآن الكريم، هو الذي خلق الكون، وهو الذي خلق الإنسان، وكلاهم القرءان الكريم والكون والإنسان، هدفهم واحد، في التعريف بالله سبحانه وتعالى، والإيمان بوحدة الرسالة والرسل، والإيمان بوجود الانسان المؤقت في الدنيا ،ووجود حياة دائمة في الأخرة، قوامها البعث بعد الموت.
القرآن الكريم
ولكن الفرق بين القرآن الكريم كلام الله، و الكون والإنسان خلق الله ، هو أن القرآن الكريم كلام الله نزل ومعه صيانته الذاتية من الملأ الأعلي إلي الأرض بإعتباره كلام الله ، بينما الكون والإنسان خلق من خلق الله، خلقا وفيهما الصيانة الذاتية في مكوناتهما، فتتم عملية الصيانة الذاتية لهذه المكونات علي مدار اللحظة للكون والإنسان وبدون هذه الصيانة الدائمة والمستمرة في حياة الكون وحياة لإنسان، ينهار الكون وينقرض الإنسان ، وهذا هو الفرق الجوهري، بين كلام الله في القرءان الكريم، وبين خلق الله في الكون والإنسان.
وإذا كان كل خلية وعضو وجهاز في الإنسان، له ملائكة يراقبونه ويحفظونه، فإن لكل كوكب ونجم ومجرة، له ملائكة يراقبونه ويحفظونه، وكما يحدث مع الإنسان والكون، يحدث مع القرءان الكريم، علي مستوي كل حرف له ملائكة يحفظونه ، وكل كلمة لها ملائكة يحفظونها ، وكل اية لها ملائكة يحفظونها، بأمر الله سبحانه وتعالى حتي تقوم كل مكوناتها بوظيفتها ، المكلفة بها علي اكمل وجه دون خلل أو إختلال .
ولكن الفرق الجوهري، بين أحرف وكلمات و آيات القرآن الكريم، أنها كلام الله الثابت الذي لا يتغيير ولا يتبدل، بتغير الزمان والمكان، لإنه لا يحتاج الي صيانة دورية، ولا تشيب كلماته ولا يطال أياته العجز، مثل الكون والإنسان ، بل كل أحرفه وكلماته وأياته وسوره، غضة طرية كأنها تنزل الآن، لإنها نزلت وفيها صيانتها الذاتية المحفوظة بها، وفيها تحتوي علي بصمة مادية وبصمة نورانية لكل من الحرف والكلمة والآية والسورة، فهي مصانة ومبصومة ببصمة إلهية، وهي دائمة لاتتغير ولا تتبدل، ما بقي الزمان وحفظ المكان مثل الكون والإنسان.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر