(108) الكلمة الفصل… في جمع القرآن الكريم
خلق الله سبحانه وتعالى الدنيا والآخرة وجمعهما في أربع آيات في القرآن الكريم، ففي الحياة الدنيا خلق الله سبحانه وتعالى السماوات والأرض وجمعهما بأسبابه، بما فيها من مخلوقات.
قال تعالى: “وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۗ وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ” (هود: 7).
وفي الحياة الدنيا، بنى الله سبحانه وتعالى السماء الدنيا وجمعها ووسعها بأسبابه، بما فيها من مخلوقات، قال تعالى: “وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ” (الأحقاف: 47).
ثم بعد انتهاء الحياة الدنيا، يطوي الله سبحانه وتعالى السماء الدنيا بأسبابها، وما فيها من مخلوقات قبل يوم القيامة.
قال تعالى: “يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ۚ وَعْدًا علينَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعلينَ” (الأنبياء: 104).
وفي الحياة الآخرة، يبدل الله سبحانه وتعالى، أرض الدنيا بأرض جديدة للآخرة ويبدل سماوات الدنيا بسماوات جديدة للآخرة ويخلق ويجمع السماوات والأرض من جديد مرة أخرى في الحياة الآخرة، ولكن في هذه المرة في نور الله سبحانه وتعالى، بدلًا من أسبابه في الحياة الدنيا.
قال تعالى: “يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ” (إبراهيم: 48).
الخلق والتكوين في الكون
وهذا واضح وظاهر وجلي في الأمر الإلهي المتعلق بعملية الخلق والتكوين في الكون، بما فيه من مخلوقات وجمعه في الحياة الدنيا وفي الحياة الآخرة والتي تتم بالأمر المباشر، من الله سبحانه وتعالى، في جملة مكونة من سبعة أحرف ومجموعة في كلمتين كن فيكون، قال تعالى: “إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ” (النحل: 40).
فخلق الله سبحانه وتعالى السماوات والأرض وجمعهما في الدنيا من الماء الذي خلقه وجمعه، من تحت عرش الرحمن، وخلق وجمع الله سبحانه وتعالى من الماء، كل المخلوقات الموجودة في الكون من الملائكة والجن والإنسان والحيوانات والطيور والحشرات والنباتات والجمادات والميكروبات والفيروسات والفطريات والطفيليات وغيرها من المخلوقات.
وخلق الله سبحانه وتعالى، الشمس والقمر والنجوم والمجرات وجمعهم في الدنيا وخلق الله سبحانه وتعالى الليل والنهار والظلمات والنور والظل والحرور وجمعهم في الدنيا.
وخلق الله سبحانه وتعالى الأنهار والبحار والمحيطات في الأرض وجمعهم في مساحة الماء البالغة 71% من مساحة الأرض، وخلق الله سبحانه وتعالى الجبال والوديان في الأرض وجمعهم في مساحة اليابسة البالغة 29% من مساحة الأرض.
آيات القرآن
قال تعالى: “قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعليمِ” (فصلت: 9-12).
فصفة الخلق والجمع، صفة أزلية لله سبحانه وتعالى، فخلق الله سبحانه وتعالى الكون في الدنيا وجمعه، وخلق معه صيانته الذاتية وجمعها له على مدار حياته، وخلق الله سبحانه وتعالى، الإنسان في الدنيا وجمعه وخلق معه صيانته الذاتية وجمعها له على مدار حياته، وخلق الله سبحانه وتعالى، الحيوانات والطيور والحشرات والنباتات والجمادات والميكروبات والفيروسات والفطريات والطفيليات وغيرها من المخلوقات وجمعها وخلق معها الصيانة الذاتية وجمعها لها على مدار حياتها.
وفي الحياة الآخرة، يخلق الله سبحانه وتعالى كل الخلائق وجميع البشر، الذين خلقهم في الدنيا ثم يجمعهم، من أجل حسابهم على أعمالهم التي عملوها في الحياة الدنيا، الحسن منها والسيء، كما خلق السماوات والأرض وجمعهم في الآخرة.
قال تعالى: “اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا” (النساء: 87).
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر
تعليق واحد