(125) الكلمة الفصل… في جمع القرآن الكريم
كلَّف الله سبحانه وتعالى، بني إسرائيل بحفظ الإنجيل، كما كلفوا من قبل بحفظ التوراة، ولكنهم حرفوا التوراة وحرفوا الإنجيل، فمن الذي كلف بحفظ الإنجيل بعد كتابته وجمعه ونزول عيسى عليه السلام به من بطن أمه؟ بني إسرائيل، ومن الذي حرف الإنجيل بعد نزول عيسى عليه السلام به؟ بني إسرائيل، ومن الذي أضاف إلى الإنجيل بعد نزول عيسى عليه السلام به؟ بني إسرائيل، ومن الذي مسح الآيات من الإنجيل التي قيلت على لسان عيسى عليه السلام؟ بني إسرائيل.
فالنصرانية، دين يدعو إلى الإيمان بوحدانية الله سبحانه وتعالى، ونبوة عيسى عليه السلام، وظلت هذه العقيدة عند النصاري قائمة ودائمة ومستمرة، حتى عام 325 ميلادية، حيث إنتقلت النصرانية من عقيدة التوحيد، إلى عقيدة التثليث، بواسطة الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول، وإسكندروس بابا الإسكندرية.
حدث هذا التغير الجذري، في عقيدة النصاري، في المؤتمر المسكوني الأول، الذي عقد في مدينة نيقية بأسيا الوسطي، وفي حضور أكثر من 300 قسيس نصراني، وكان المعترض على عقيدة التثليث، القس إريوس، الذي أكد عقيدة التوحيد، و أن الله واحد لا شريك له، وأن عيسى رسول الله، فحرقت كتب إريوس، وطرد وعذب هو وأتباعه من المصريين، بعدها تم تحريف النصرانية، إلى يومنا هذا 2021.
عيسى عليه السلام
أكد القرآن الكريم في الكثير من آياته، أن عيسى رسول الله، وطالما دعا عيسى عليه السلام، بني إسرائيل إلى الإيمان بوحدانية الله سبحانه وتعالى، وعدم الشرك به، ونعت الذين يتحدثون عن إلوهية عيسى بالكفر.
قال تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۖ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عليه الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) المائدة 72.
دعاة التثليث
واتهم القرآن الكريم دعاة التثليث من بني إسرائيل بالكفر، وبالخروج على حقيقة النصرانية، والإرتداد عنها، والعودة إلى الوثنية والشرك، بالله سبحانه وتعالى، بدلا من الإيمان بوحدانية الله سبحانه وتعالى، الذي كان الهدف الأساسي من رسالة عيسى عليه السلام.
قال تعالى: (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۚ وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أليمٌ) المائدة 73.
فلم يكتفِ بني إسرائيل، بتشويه أنبيائهم وقتلهم، ولم يكتفوا بتشويه عيسى عليه السلام، ومحاولة قتله، بل سعوا بكل ما يملكوا من جاه وسلطان وثروة، من تشويه سمعة أمه مريم البتول عليه السلام، فاتهموها بالزنا.
قال تعالى: (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا) النساء 156.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر