(1) نهر النيل في… الإسلام
الحديث عن نهر النيل وماءه، حديث ذو شجون، ليس حديث عابر ترضية للضمير ولا حديث هاوٍ يملأ الفراغات أو يهتم بالفروع ويبحث عن الهوامش وهي كثيرة ومتنوعة، بل يبحث بين السطور ومحتوى الأحرف والكلمات عن الأصل والجوهر، ويعتمد في ذلك على مقدرات الكون ومكوناته العلمية ومعانيه الدينية.
وعلى المكانة العلمية البارزة، التي يتمتع بها نهر النيل في الكون وبين ثنايا الإسلام ويضع في اعتباره البُعد الديني للنهر العظيم في حياة الأنبياء والمرسلين، ويؤكد السرد التاريخي للأحداث والوقائع التي تؤكد مكانته في مصر ومكانة مصر منه وموقعه في عقول ووجدان المصريين.
آخذًا بعين الاعتبار الموقع الجغرافي المتميز، الذي جعل من مصر سُرة العالم ومركز الصدارة فيه، تتوسطه من المركز وتجمعه مع الأطراف وتتمدد في محاوره وأركانه، في كل الاتجاهات وينظر إلى البُعد الحضاري، الذي وهبها الله سبحانه وتعالى إياه، نظرة الفاحص المتمرس والعليم الخبير وهو الذي جعل من مصر محط أنظار العالم.
الحديث عن نهر النيل
ويأخذ في الأهمية وعين الاعتبار، البُعد التاريخي لنهر النيل الخالد، الذي ملأ أسماع الدنيا عبر الزمان، والذي صنع حضارتها، ونهضتها يأخذ البعد البشري بعين الحسبان وعلى محمل الجد، والذي جعل من مصر أم الدنيا، كما ينظر بعين الفاحص الأمين إلى البعد في الآخرة باعتبار نهر النيل من أنهار الجنة.
فالحديث عن نهر النيل العظيم، وبما يمثل ماءه العذب من مائه المالح بالنسبة لمصر، معادلة اختيار بين البقاء والفناء، فالحفاظ على جريان نهر النيل في أرض مصر، يعني الحفاظ على حياة المصريين في معادلة البقاء، والتي يجب أن يلتف حولها المصريون، باعتبارها مسألة أمن قومي وحياة.
ومن هذا المنطلق يعتبر نهر النيل وماءه، خط أحمر بالنسبة لمصر، ممنوع من محاولة الاقتراب منه ولا الخوض في تفاصيل ماءه العذب، بعيدًا عن الأحاديث الناعمة والتنويم المغناطيسي في بعض الأحيان والأحاديث الغامضة والمبهمة التي تحمل في طياتها معانٍ أكثر غموضًا وإبهامًا في أحيان كثيرة، والتي تحمل أكثر من مبنى ومعنى، بعد خلط الجد بالهزل، وبعد أن هانت الأرض على الإنسان، لأن البديل في معادلة نهر النيل تحديدًا، هو معادلة بين البقاء والفناء.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر
تعليق واحد