(5) نهر النيل في… الإسلام
على الجميع في المنبع والمصب، أن يفهموا أن الذي يجري نهر النيل من منبعه إلى مصبه هو الله، وعليهم أن يدركوا أن لا فضل لأحد منهم على ماء نهر النيل في وقفه أو جريانه، لأنَّ الفضل كله لله سبحانه وتعالى، يجريه فيعم الخير الوفير بمائه العذب الوفير ويوقفه عن الجريان، فيؤدي إلى الجفاف والقحط والجوع وإهلاك الحرث والنسل.
لذلك طالبنا الله، بإعمال الفكر والعقل والمنطق الواعي السليم، في الحفاظ على الماء بشكل عام، وماء النيل بشكل خاص.
قال تعالى: “هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” (النحل: 10 و11).
الجميع في المنبع والمصب عليهم إدراك حقيقة الماء
فعلى الجميع أن يدرك أن الماء، هبة من الله سبحانه وتعالى، وأنه يمثل الثروة القومية لحياة الشعوب، لا يعوضها شيء لأنها تعني الحياة ولا بديل عنها، أم الكهرباء من أجل النور، فلها عشرات من البدائل في عرف العقلاء من البشر، مثل طاقة الشمس وطاقة الرياح وحتى طاقة الإنسان وغيرها من الطاقات البديلة.
فقواعد الحكم الرشيد، القائمة على الشفافية والمحاسبة والتبادل السلمي للسلطة، هو الآلية الوحيدة للحديث عن مصالح الشعوب والحفاظ على نهر النيل ومفرداته، لأن المصلحة العامة ستكون الحاكمة، بعيدًا عن الصراع والمواجهة والصدام بين الشعب والنظام داخل البلد الواحد، أو بين الشعوب والأنظمة داخل بلاد حوض نهر النيل، في وجود الشفافية والمساءلة.
ولكن من الواضح أن غياب الحكم الرشيد، كان له آثار سلبية كبيرة وسيئة ومأساوية على نهر النيل في غياب الشفافية في الحديث عن نهر النيل، وفي غياب التعاون البناء بين دوله حفاظًا على مصالح الجميع، وفي وجود أيادٍ خفية مستترة تستهتر بحياة الشعوب.
وفي غياب المحاسبة، التي تقع على عاتق الدول المتسببة في انهيار السدود أو نقص الماء، وفي غياب التدوال السلمي للسلطة، الذي يفرض على الجميع احترام حكم الشعب في اختيار حكامه، بعيدًا عن حكم الزعيم الملهم والأوحد الفاشل في كل مجال، والذي أدى إلى ما نحن فيه الآن، من حدوث مواجهة سياسية في حوض نهر النيل.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر
تعليق واحد