(12) نهر النيل في… الإسلام
أفهمت زوجة الفرعون، الفرعون حقيقة نفسه وأنه بشر ولكنه لم يرتدع، وفي نهاية المطاف، عندما أدركت أن مآله إلى الضياع ومصيره إلى الهلاك تبرأت منه ومن أفعاله.
قال تعالى: “وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ” (التحريم: 11).
كما أن الرجل المؤمن من قوم الفرعون وأهله، عرف الفرعون حقيقة نفسه وحاله، وأنكر عليه كل أعماله وحذره من المواجهة مع موسى الذي يدعوه إلى الإيمان بوحدانية الله، مما يعني أن القاعدة العريضة من الفراعنة كانوا من الموحدين، وأن اسم الله الأعظم كان يتردد على ألسنتهم في كل مدن مصر وقراها.
ولكن الفرعون، لم يرتدع ومضى في طريق الذل والهوان والضياع، بالرغم من الطاعة العمياء من أهله له ولأفعاله ومعهم الملأ من القوم.
قال تعالى: “وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ ۖ وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعليه كَذِبُهُ ۖ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ” (غافر: 28).
نصائح زوجة الفرعون
ولكن بدلًا من أن يسمع الفرعون نصيحة زوجته ورجل من أهله وينظر بعين الاعتبار إلى من سبقه من ملوك مصر وحكامها، مضى في ضلاله ولم يلتفت إلى مصيره، بالرغم من أنه ورث الحكم ممن كان قبله وسوف يتركه رغمًا عن أنفه لمن سوف يأتِ بعده في سلسلة متصلة الحلقات.
لكنه مضى قدمًا خلف ضلال هامان قائد الجيش وهيامه بحب السلطة، وتجبر قارون وحبه للمال وجمعه، مع أنَّه كان يحفظ التوراة عن ظهر قلب، وكان من السبعين رجلًا الذين لقوا الله سبحانه وتعالى في الطور مع موسى عليه السلام، فأدى كل ذلك إلى انهيار ملك الفرعون، كما انهار وسينهار ملك الكثير من الطغاة والجبابرة على مر الزمان.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر
تعليق واحد