(51) نهر النيل في… الإسلام
في الحقيقة العلمية والبعد الديني عن نهر النيل، مرآة حقيقية أمامنا يمكن فهم الصورة فيها، ورؤيتها على حقيقتها عن قرب رؤية العين لكل مسارات الأحداث، التي حدثت على أرض مصر منذ إدريس عليه السلام، ومن بعده حفيده نوح عليه السلام، ربطت بين الحقيقة العلمية والدينية برباط وثيق.
فلولا نوح عليه السلام ما كان مصرايم حفيده، ولولا مصرايم ما كانت مصر، التي نسبت إليه، ولولا مصر ما كان الفرعنة، ولولا الفراعنة ما كانت هاجر عليها السلام، ولولا هاجر عليها السلام، ما كان إسماعيل عليه السلام، ولولا إسماعيل عليه السلام، ما كان إسحاق ويعقوب عليهما السلام، الذي منحهما الله لإبراهيم عليه السلام هبة منه، جزاء صبره على ذبح ابنه الوحيد إسماعيل.
ولولا مصر، ما كان إسماعيل وإسحاق عليهما السلام، ولولا إسماعيل وإسحاق عليهما السلام، ما كان العرب وما كان بني إسرائيل، ولولا العرب وبني إسرائيل، ما حمل إبراهيم عليه السلام صفة ولقب أبو الأنبياء، ولا حمل محمد صلى الله عليه وسلم صفة ولقب، خاتم الأنبياء والمرسلين.
لولا هاجر عليها السلام ما كان العرب
ولولا هاجر عليها السلام، ما كان العرب وما كان بني إسرائيل، وما كان بئر زمزم، وما بنيت الكعبة، وما كان هناك مناسك للحج، وما كان هنك دعوة للإسلام ولا وجدت قريش وما كان لمحمد عليه الصلاة والسلام وجود، وبالتالي لا وجود للحج وشعائره، والتي يقوم بها المسلمون إلى قيام الساعة.
وإذا كان لهاجر عليها السلام، كل هذا الفضل بعد زواجها من إبراهيم عليه السلام، بواسطة فرعون مصر، فكله يعود إلى مكانة مصر ومنزلتها عند الله سبحانه وتعالى، فلم تترك هاجر عليها السلام، الهجرة لحظة واحدة في حياتها، فكما كانت هجرتها مع زوجها إبراهيم عليهما السلام من مصر إلى فلسطين، ثم هجرتها من فلسطين إلى مكة المكرمة، مما يعني أن حياتها كلها كانت قائمة ودائمة على الهجرة ومتعلقة باسمها.
كما أن سعيها بين الصفا والمروة فيه معنى الهجرة، والذي على إثره كانت زمزم وفيها هجرة لماء زمزم من الملأ الأعلى، من الماء الذي تحت عرش الرحمن إلى الأرض، والذي خلق منه الكون الذي يتميز بالهجرة في كل مخلوقاته، وهذه الهجرة مرتبطة ارتباط وثيق بنهر النيل.
ونهر زمزم يتدفق مهاجرًا على مر آلاف السنين، مانحًا الخير والبركة والرحمة والشفاء، لكل من يشرب منه فيهاجر في خلاياه وأنسجته وأعضاءه وأجهزته إلى قيام الساعة مثل هجرة نهر النيل.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، أن تكون هاجر عليها السلام، وراء وجود العرب واليهود، وكل مناسك الحج وكل شعائر الإسلام إلى قيام الساعة.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر