(59) نهر النيل في… الإسلام
بالرغم من طبيعة عبادة الفراعنة وتعدد الآلهة في مصر القديمة، إلَّا أن التوحيد ظل هو الأصل في كيان مصر وشعبها وغيره الاستثناء، والذي كان منتشرًا في ربوع مصر خلال عهد مصرايم وأبناءه والتي نسبت مصر إليه، فهو مصرايم بن بنصر بن حام بن نوح، الذي حمل رسالة التوحيد إلى مصر من جده نوح عليه السلام، باعتبار أن الفراعنة من أحفاد نوح عليه السلام.
إلا أن استقبال فرعون لإبراهيم عليه السلام، عندما كان في زيارة عابرة إلى مصر من فلسطين وزواجه من هاجر عليها السلام، قَلَبَ الأوضاع في العالم رأسًا على عقب، فكانت هاجر عليها السلام سببًا في كل الذي حدث وكانت سببًا في أن يكون إبراهيم أبو الأنبياء.
فرعون مصر
فالبداية كانت في مصر على يد فرعون مصر، وهذا يؤكد دائمًا أنَّ الباطل في الفرعون، كان جندي وفي وقوي من جنود الحق، لأن كل الأحداث التي حدثت في العالم بعد ذلك، كان سببها فرعون مصر الذي كان له دور في معرفة إبراهيم وهاجر عليهما السلام، ومن ثمَّ زواجهما وعلى إثرهما كان العرب وكان بني إسرائيل.
والأعجب من ذلك كله، حال إبراهيم عليه السلام فقد كان رجلًا في أرذل العمر، تخطى عمره 86 سنة وقيل أن عُمْر هاجر عليها السلام 76 سنة، مما يعني أن حمل هاجر في إسماعيل عليهما السلام كان في الوقت الضائع من عمر إبراهيم عليه السلام، وأن هذا الإنجاب القدري قد تمَّ بمعجزة إلهية كبرى، ليس لها أدنى علاقة بالمعايير الطبية ولا بالمقاييس العلمية في الحمل والولادة.
كما كان عمر إبراهيم عليه السلام 102 عام وعمر سارة عند حملها في إسحاق عليهما السلام 91 عام، وأن هذا الإنجاب القدري أيضًا، قد تمَّ بمعجزة إلهية كبرى، مثلما حدث في حالة إسماعيل وهاجر عليهما السلام، وليس لها أدنى علاقة بالمعايير الطبية ولا بالمقاييس العلمية في الحمل والولادة، وهذا معناه أن العرب واليهود من نسل إسماعيل وإسحاق عليهما السلام، أتوا في الوقت الضائع من عمر إبراهيم عليه السلام.
نهر النيل
كان نهر النيل المصري في كل الأحوال على تماس مع هذه الزيارات النبوية للأنبياء والمرسلين إلى مصر ومن عاشوا في أرضها، وكان في مصرايم الفراعنة ثلاثة وأربعون إلهًا، على رأسهم آمون إله الشمس والريح والخصوبة، وهو أحد الآلهة الرئيسية عند الفراعنة.
فكان اسم آمون يكتب أمن وكان ينطق أَمِن مع إمالة الكسر إلى الفتح، مما يعني أن كلمة آمون مشتقة من كلمة إيمان، فكانت تحريف لكلمة أمن من الإيمان وكلمة التوحيد، التي كانت موجودة قبل الفراعنة في عصر مصرايم وأبناءه، والتي وصلت إليهم من نوح عليه السلام.
وكان نهر النيل شاهدًا على النزاع العنيف والحرب الضروس التي قامت بين كهنة المعبد الفرعوني في منف بسقارة بالجيزة والقبائل الموحدة التي كانت تعيش في منف، والتي تم القضاء عليها جميعًا من كهنة آمون، ولم يبقى منها إلا قبيلة واحدة هي قبيلة جرهم، التي هاجرت الهجرة الأولى من منف إلى مكة المكرمة، في نفس الوقت الذي وصلت فيه هاجر وابنها إسماعيل عليهما السلام، وهناك عاشت هاجر وابنها إسماعيل عليهما السلام، مع قبيلة جرهوم المصرية.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر