(69) نهر النيل في… الإسلام
الإسلام بصفته الأزلية كان موجودًا قبل خلق الكون وبصفته الزمنية المنطلقة من الوصف، والعلم كان اللبنة الأولى التي بني عليها الكون بشكل علمي، وبصفته الأساس المنطلقة منه رسالة الأنبياء والمرسلين الذين زاروا مصر وتزوجوا من نسائها، خاصة زواج أبو الأنبياء إبراهيم من هاجر عليهما السلام وزواج خاتم الأنبياء والمرسلين ومارية القبطية عليهما السلام.
قال تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) آل عمران: 19.
لم يروق لكهنة المعبد الفرعوني آمون ما حدث من توافق بين ملك مصر ويوسف عليه السلام، وهم يعلمون أن يوسف عليه السلام، يُهاجم آلهة المصريين وأوثانهم وكهنة المعبد الفرعوني، ويدعو إلى الإسلام الذي دعا إليه أجداده، إدريس ونوح وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب عليهم السلام على مر الزمان، فكانوا يعرفون إصرار يوسف عليه السلام إلى دعوة التوحيد، وكانوا يدركون حجم الخطر الذي يمثله عليهم وعلى مصالحهم الشخصية ويخشون إعلان الملك الإيمان بدعوة يوسف عليه السلام إلى الإسلام.
كهنة المعبد الفرعوني
حاول كهنة المعبد الفرعوني آمون بكل الطرق والوسائل من إفساد العلاقة بين الملك ويوسف عليه السلام، فمن ناحية محاولة إثناء الملك من المضي قدمًا خلف يوسف عليه السلام في تفسير الرؤيا، ومن ناحية أخرى، إثبات خطأ يوسف عليه السلام في تفسيره حلم الملك.
ومن ثمَّ إلقاء اللوم عليه لتطاوله على آلهة المصريين بشكل عام وعلى معبد الإله آمون بشكل خاص ومنعه من حيازة ثقة الملك، ولكن الأحداث أكدت انتهاء مؤامرات الكهنة على يوسف عليه السلام، التي باءت بالفشل بعد تعرية موقفهم وكشف حججهم الباطلة، ومن ثمَّ أمر الملك بسجن كهنة المعبد الفرعوني آمون.
ثقة يوسف عليه السلام
كانت ثقة يوسف عليه السلام، بصحة تفسيره لحقيقة الحلم الذي رآه الملك، قد أصاب الكهنة بالجنون من ناحية، ومن ناحية أخرى كانت رسالة صدق، أخذت طريقها إلى قلب وعقل الملك الذي أمر بسجن كل كهنة المعبد الفرعوني، لعدم قدرتهم على تفسير حلمه من أجل إنقاذ مصر من المجاعة.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر