(72) نهر النيل في… الإسلام
كان نهر النيل في مهمة رسمية إلهية، تخص موسى عليه السلام وحمايته من بطش الفرعون وجنوده، أوكلها الله له وأمره بتنفيذها على عجل، حتى لا يقع موسى عليه السلام في قبضة الفرعون ورجاله، فيطبقون فيه قانون الذبح، الذي أقره الفرعون على كل من يولد من الذكور من بني إسرائيل، فكان السمع والطاعة محور الاستجابة لأمر الله من نهر النيل، الذي قام بالمهمة الموكلة إليه ونجح في تنفيذها على أكمل وجه، بالرغم من قوة الفرعون وجنوده، وبالرغم من ضعف موسى عليه السلام وتابوته.
هذا معناه أن الجماد يمكن أن يقوم مقام الإنسان في مهماته، بل ويتعداه في تنفيذ أوامر الله، والمهام الموكلة إليه، بكل دقة وإتقان وإخلاص دون تأخير أو تقديم، بل إن الجماد قد قبل على نفسه أن يكون مسيرًا لأمر الله كما أراد الله له، وليس كما أراد الإنسان لنفسه في أن يكون مخيرًا، فالأصل في نهر النيل أن يكون مسيرًا والأصل في الإنسان أن يكون مخيرًا في نطاق التسيير.
نهر النيل في مهمة رسمية إلهية
وكان نهر النيل الحارس الأمين، التي عرضت عليه الأمانة، كما عرضت على السماوات والأرض والجبال، فقبل أن يكون مسيرًا مثل السماوات والأرض والجبال، لا أن يكون مخيرًا مثل الإنسان الذي ظلم نفسه.
قال تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) الأحزاب: 72.
وكان نهر النيل في موقع الحدث وشهد أرض المعركة الكبرى التي دارت رحاها بين موسى عليه السلام والفرعون على ضفافه وعلى أرض مصر من بدايتها إلى نهايتها، وكان نهر النيل المصري، وليس نهر النيل السوداني أو نهر النيل الإثيوبي، الطرف الأساسي والأصيل في هذه المعركة، حيث لعب نهر النيل الدور الأبرز فيها، انتصارًا لأمر الله بالحفاظ على موسى عليه السلام وحمايته من بطش الفرعون وجنوده.
كان نجاح نهر النيل في مهمته، في تأمين موسى عليه السلام من بطش الفرعون، دليل على تأييد الله سبحانه وتعالى لنهر النيل في مسعاه، فوقف الله بجوار نهر النيل، حتى يتمكن من إيصال موسى عليه السلام إلى قصر الفرعون، وفي نفس الوقت كانت نجاة موسى، رسالة تحذير من الله حملها نهر النيل إلى فرعون وقومه.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر