(78) نهر النيل في… الإسلام
الأكثر عجبًا وغرابة من كل ذلك، أن يكون ماء مصر عذبه ومالحه، طرف أصيل في هذه المعركة حامية الوطيس التي دارت رحاها بين موسى عليه السلام والفرعون، فالماء العذب في نهر النيل والماء المالح في البحر الأحمر، وكلاهما كان في مصر، وكلاهما كان له دور محوري وإيجابي في الانتصار لبني إسرائيل وهزيمة الفرعون وقومه، ونجاة موسى عليه السلام وقومه.
ومع ذلك استنكر اليهود هذا الفضل الكبير والمنحة العظيمة، التي منحتها لهم مصر في مائها العذب ومائها المالح، فكان الماء بطعميه العذب والمالح، طرفًا أصيلًا في المعركة التي حدثت بين موسى عليه السلام والفرعون، وستكون كذلك في نهاية المطاف مع بني إسرائيل.
ماء مصر يحمي موسى عليه السلام
فمن ناحية كان نهر النيل بمائه العذب ينطلق بهدوئه المعهود وراحة باله في سريان مائه، رؤوف بموسى عليه السلام ورحيم به، فحمله في سرية تامة دون ضجيج مفتعل إلى بيت الفرعون، بالرغم من كل وسائل التأمين والسيطرة والحماية من قبل جنود الفرعون على كل شبر في أرض مصر بشكل عام ونهر النيل بشكل خاص.
فشواطئ نهر النيل محاصرة وقناطره مراقبة وجسوره محروسة حراسة مشددة من قبل حرس الفرعون، فكل شيء مراقب فيما يدور داخله وحوله، ولم يكل أو يمل جنود الفرعون من البحث عن موسى في كل مكان، بعد أن عرفوا حكايته الحقيقة وهروبه من قانون الذبح الفرعوني.
ولكن بمجرد وصول التابوت، الذي يحمل موسى الرضيع في سرية تامة بعيدًا عن أعين حرس نهر النيل وبعيدًا عن حرس الحدود والحرس والجنود في قصر الفرعون، انتهت المراقبة ورفعت الحراسة وهدأت الأوضاع، بعد أن أوصل نهر النيل موسى عليه السلام بأمن وأمان وسلام إلى بيت الفرعون بأمر من الله سبحانه وتعالى.
فأصبح موسى عليه السلام في حماية الفرعون وزوجته، وحرسه في داخل القصر الفرعوني وبلاطه، بعد أن كان مطاردًا على كل شبر من أرض مصر، فتم إفشال كل المحاولات في خارج قصر الحكم وفي داخله، للوصول إلى موسى وتطبيق قانون ذبحه.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر