(103) نهر النيل… في الإسلام
البعد الديني في مصر، مع نهر النيل، وإلتقاء الأديان السماوية الثلاثة، موسى وعيسى ومحمد، صلوات الله عليهم أجمعين، مع التوحيد الذي دخل مصر على يد مؤسسها مصرايم بن بنصر بن حام بن نوح – الأب الثاني للبشر -، ودخول إبراهيم عليه السلام، مصر في عهد الفراعنة ومعه يعقوب عليه السلام، في عهد ابنه يوسف عليه السلام، فقد زارها أولي العزم من الرسل الخمسة مما يجعل من مكانة مصر الدينية، تناطح مكانتها الجغرافية وبعدها التاريخي.
عزز مكانة نهر النيل المصري، وهذا البعد الديني الذي تتميز به مصر عن سائر البلاد، لم يناطحه فيها، سوي بيت المقدس ومكة المكرمة والمدينة المنورة، وليس واضحا في فكر القائمين على أمر المؤسسة الدينية، والذي من خلاله يمكن أن تتبوء مصر مكانة خاصة وعإلىة عند عامة المسلمين وخاصتهم، وعند العالمين، مما يؤهلها لتكون الحاضنة للإسلام الوسطي المعتدل على منهج القرءان الكريم ومنهج النبوة، وفي نفس الوقت الحصن الحصين والسد المنيع العصي على الإختراق من قبل المتطرفين، والتكفيرين.
والبعد البشري، الذي يتكامل مع الابعاد الثلاثة، بل ويأتي في المقام الأولي لها ويسبقها، فهو يتمثل في الإنسان المصري، صانع الحضارة والتقدم من أيام الفراعنة، والذي لم يتمكن احد من بعدهم من إستخدام إمكانياته الفكرية والعلمية والتقنية بعد، إلا في عهد الفراعنة وفقط، الذين أدركوا قيمة وعظم ومكانة وعلوا شأن الإنسان المصري، إلى درجة أن الإنسان المصري الفقير في عهد الفراعنة، عندما يموت كان يدفن معه ذهبه الذي كان يوجد بكميات وفيره في بيته ويعيش به طول حياته.
بل إن القارئ للقرءان الكريم يجد أن الله سبحانه وتعالى قد تحدث عن الرفاهية الزائدة عن الحد والتي كان يعيش فيها الفراعنه فكان التعبير القرأني خير مثال على هذه الرفاهية، قال تعالى : (كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُون (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) الدخان 25-27
وهذه الأبعاد الأربعة هي حجر الزوايا في جعل مصر أم الدنيا كلها، كما سماها سيدنا نوح عليه السلام، كما كانت مكة المكرمة أم القري، وهذا دليل قاطع على مكانة مصر عند الله سبحانه وتعالى، ومكانتها في قلوب وعقول أنبيائه ورسله وأتباعهم على مدار الزمن، فلولا مصر ما كان الإسلام.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر