(121) نهر النيل في… الإسلام
بعد أن تم تقزيم دور مصر في المنطقة العربية، بعد حصارها المطبق من الجنوب ومن الشمال، تم تحييد وجود الشعب حتى يتمكنوا من افتراس مصر في داخلها وجعلها طوائف، مع ضعف الأنظمة الحاكمة التي تبحث عن تأمين مصالحها ووجودها في السلطة، بغض النظر عن تأمين مصر وشعبها ووجودها في الحياة.
ثم استداروا للسودان كي يفتروسها بعد افتراس مصر وحصارها في الجنوب والشمال، ففصلوا مصر عن السودان بفعل فاعل في 1956، ولا مانع من التغطية على هذا الانفصال الكارثي، بالحديث عن هجوم ثلاثي على مصر من إنجلترا وفرنسا وإسرائيل، وبعدها ذهب النظام إلى الوحدة مع سوريا والانفصال في 1961.
تقزيم دور مصر وفصلها عن السودان
فما الذي جعل النظام المصري يفصل مصر عن السودان، التي تتحكم في نهر النيل وتملك منابعه في بني شنقول السوداني، وفيه النيل الأزرق الذي ينبع من بحيرة تاما، ويذهب إلى الوحدة مع سوريا، ولم يحاكم النظام على الوحدة والانفصال، إلا إذا كان هناك إهمال متعمد أو سوء إداراة أو غير ذلك.
ثم أكملوا المهمة، التي يعملوا من أجلها على مدار أكثر من خمسين عام من فصل مصر عن السودان، فقسموا السودان إلى نصفين في عام 2011، نصف في الشمال ونصف في الجنوب، مستخدمين الطائفية سلاح بتار، الذي اعتمده هنري كامبل في وثيقته، من أجل تقسيم الشعب السوداني وشطره إلى نصفين في وجود الوكلاء الجاهزين لبيع الأرض والشعوب، من أجل الحفاظ على كرسي السلطة، والذي انتهى بهم الحال بقتل بعضهم البعض الآخر أو السجن في مصر والسودان بعد أن حققوا مآربهم.
وفي صلب ومركز هذا المخطط الشيطاني، الاستيلاء على منابع النيل بالقوة، التي أعطت الحق للمستعمر الإثيوبي التحكم في منابع النيل بالباطل في وجود تقاعس وتواطؤ من الأنظمة والحكومات، التي حكمت مصر والسودان على مدار مائة سنة، دون النظر إلى أهمية ومكانة نهر النيل بمائه لحياة الشعبين المصري والسوداني.
بعدها تمكنت إنجلتر من احتلال فلسطين وتسليمها إلى إسرائيل في 1948، وفي مركزها القدس، فتم للغرب بشكل عام والإنجليز بشكل خاص ما أرادوا، فكانت السيطرة الدنيوية على حياة مصر والسودان في مياه النيل والسيطرة الدينية، على القدس بما فيه من ميراث الأنبياء وحياة للإسلام.
فتمكن الغرب من تسليم الحياتين للحبشة وإسرائيل، ثم بعد هذه الفوضى الخلاقة التي صنعتها إنجلترا وبعثرت فيها العالم العربي، سحبت نفسها وسلمته على المفتاح لأمريكا استكمالًا للهيمنة الغربية على العرب والمسلمين، والتي ما زالت قائمة حتى القرن الحادي والعشرين.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر