(122) نهر النيل في… الإسلام
غياب الحكم الرشيد، مكَّن الغرب من السيطرة على الشرق وكان سببًا في حدوث كل هذه المآسي وتلك الكوارث، لأنَّه مكَّن الغرب من الاستفراد بالأنظمة بعد حصارها بين الغرب من جهة وشعوبها من جهة أخرى، فأصبحت خيارات الأنظمة محدودة في المطالبة بحقوق شعوبها والحفاظ على وجودها.
لذلك يسعى الغرب إلى السيطرة على صناعة القرار في العالم العربي والإسلامي، من خلال أنظمة ضعيفة لا تملك من أمرها شيء، أنظمة مصطنعة، تم اختيارها على عينة شريطة أن تملك السلطة والثروة، أو حتى تمنحها إياها شريطة العمل لحسابها في غياب حقوق الشعوب عن أجندتها.
كيفية السيطرة على الشرق
وبناء عليه يتم البحث عن أنظمة ذات مواصفات خاصة، تتفق مع مصالح الغرب، ويبدو أن هناك عملية تقييم معقدة، تدور حول عقلية الحاكم الذي ينفذ التعليمات بدقة متناهية ويتصف بعدم الاستقرار النفسي والعقلي، ويعرف عنه المتهور في تصرفاته والمندفع في أفعاله وغير المتوازن.
علاوة على أنه يُعاني من نقص في الأهلية ومن عقدة النقص التي تستحوذ عليه، وهي معلومات يتم جمعها على مدار سنوات طويلة، من أجل رسم خريطة بيانية، للترتيب والتسلسل القيادي عن الأشخاص الذين يمكن أن يتولوا القيادة في المستقبل من خلال المراقبة والمتابعة في نظام الحزب الواحد.
فيصبح المسؤل الأول في نهاية المطاف يعمل لمن جلبوه إلى السلطة، فلا يضع أي اعتبار لمصالح الشعب الذي يحكمه والذي عليه أن ينفذ رغباته حتى ولو كانت ضد مصالحه ووجوده وإذا كانت هناك تقارير استخبارتية حديثة مؤكدة، تكشف أن الروس قد جلبوا ترامب إلى السلطة ليحكم أمريكا في سنة 2016، بالرغم من إمكانيات أمريكا الهائلة، فما بالنا بإمكانيات الدول الأخرى الضعيفة والتي لا تملك من أمرها شيء وتعتمد على المعونات الخارجية.
الخروج من الفخ
ولكن تمكنت أمريكا من الخروج من الفخ الذي رسم لها والمأزق التاريخي المدمر، والذي مكنها من ذلك، وجود مؤسسات ديمقراطية قوية تستمد وجودها من القاعدة العريضة من الشعب في الديمقراطية وسيادة القانون، حتى ولو كانت بشكل نسبي وتستمد قوتها من مؤسسات الدولة القوية المستقلة في البرلمان والقضاء والإعلام وفي حياد قوي الأمن الداخلي والجيش، التي تقف في صف المؤسسات المنتخبة بشكل ديمقراطي ومع الشعب، وفي سيادة الحرية والعدالة والصدق والأمانة والشفافية ولو بشكل نسبي.
ولولا ذلك، لانقلب ترامب على الدستور والقانون كما أشيع، بعد زرع أصدقائه في البنتاجون واعتداء أنصاره على مبنى البرلمان، ولانهارت أمريكا واختفت من الوجود في لحظات، فإذا كان هذا يحدث مع أمريكا القوة العظمى الأولى في العالم، فما بالنا بالدول التي يحكمها حكام عشرات السنين في غياب القانون، وتداخل العام مع الخاص، فلا تستطيع أن تفصل بين العام والخاص، الذي أصبح جميعه ملك للأنظمة، وقائم على خدمتها بعد أن تم تحييد مؤسسات الدولة وغيابها بالكلية.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر