(123) نهر النيل في… الإسلام
يُمكن القول إن حرية نهر النيل وجريانه في أرض مصر، متعلق بحرية الشعوب الإفريقية الواقعة على الحوض، حتى يمكن حل مشاكله بشكل يخدم مصلحة جميع دول الحوض بلا استثناء ويفتح باب التعاون على مصراعيه، حتى تتمكن إفريقيا من اجتياز الحقبة الاستعمارية، التي ما زالت جاثية على صدرها، تنهب مواردها بمساعدة وتواطؤ من الأنظمة التي تحكم شعوبها.
وفي نفس الوقت، يمثل نهر النيل صمام أمان في حياة المصريين ووجودهم، على خريطة إفريقيا والعالم، فهو أمر حيوي ومحوري للغاية، وعلى الجميع أن يفهم هذه الحقيقة المنطلقة من أبعاده السبعة، وأثره في حياة المصريين كما يجب أن يدرك كل المصريين ويعوا أن نهر النيل خط أحمر، وأن الاقتراب من مائه يمثل تهديد وجودي لحياة مصر ووجود المصريين.
وهذا جعل من نهر النيل عقيدة ينتصر لها المصريون على مدى العصور وعلى امتداد تاريخهم القديم والحديث من عهد الفراعنة إلى اليوم وإلى قيام الساعة، فلا يجب أن يقترب منه أحد، لأن الماء شيء مقدس في حياتهم، فلا يجب التهاون فيه والحفاظ عليه فرض عين وواجب مقدس، لأن به الحياة ومن غيره لا حياة.
فنهر النيل بالنسية للمصريون معادلة بين البقاء والفناء، تهيمن على حياتهم وهي كذلك، ووجوده ومدى تأثيره الخطير في حياتهم، يعتقده ويفهم معناه، كل من يدرك أهمية الماء في الحياة، لأن الماء يلعب دورًا وجوديًّا في حياة نهر النيل العظيم والذي يعلمه الكثير من عامة الناس ولا الكثرة من خاصتهم.
حرية نهر النيل
خاصة إذا علمنا أن نهر النيل، نهر من الجنة خلق قبل خلق الأرض، فإذا كان عمر الأرض ثلاثة مليار وسبعمائة وخمسين مليون سنة، وعمر الكون خمسة عشرة مليار سنة، فإن عمر نهر النيل أكثر من 15 مليار سنة، وإذا علمنا أيضًا، أن الأشياء الأربعة، التي نزلت من الجنة إلى الأرض، هي الزمردة التي عليها قدم ابراهيم عليه السلام بجوار الكعبة بطولها 60 سم، والحجر الأسود بطوله متر مربع، ونهرالفرات بطوله 400 كم، ونهر النيل بطوله 6758 كم، وطوله داخل مصر حوالي 1650 كم، مما يعني أن نهر النيل خلق في الماضي من أجل مصر، وسيظل كذلك في الحاضر وفي المستقبل.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر