(134) نهر النيل في… الإسلام
إن مصر في أزمة حقيقية فهي تمر بلحظة فارقة في تاريخها الجغرافي، منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى الكون من خمسة عشرة مليار سنة، واختار لها موقعًا متميزًا ومرموقًا على سطح الكرة الأرضية، لا شبيه له ولا نظير ولا مثيل، فهو موقع متفرد حباه الله سبحانه وتعالى به منذ ما يقرب من أربعة مليار سنة من عمر الأرض، والذي جعلها تتحكم في مفاصل العالم وقاراته من خلال البحرين الأبيض المتوسط والبحر الأحمر ونهر النيل، والمضايق المائية الموجودة على أراضيها وامتداداتها الجغرافية.
مما يعني أنها تمثل أمن وأمان العالم وسلامة واستقراره، عوضًا عن نهر النيل الذي يمثل أطول نهر في العالم ويربطها بأنهار العالم في الدنيا وأنهار الجنة في الآخرة، فهي تملك بحرين من أكبر بحار العالم، ويتصلان مع بحار ومحيطات العالم، وأكبر صحاري في العالم، مما يجعلها محط أنظار العالم كله على امتداد الكرة الأرضية.
وفي نفس الوقت تمر بمرحلة تاريخية حاسمة وحرجة، لم تتعرض لها على مدار تاريخها الطويل، فقدم البعض مصلحته الشخصية والذاتية، ومصلحة الفئة التي ينتمي إليها، على مصلحة مصر العليا بمكانتها الجغرافية وعمقها التاريخي والديني والحضاري.
مثلما فعل مستعمريها بها، والذين كانوا قساة القلب عن عمد وغلاظ الرقبة عن حقد، فلم يحدث على مدار التاريخ المصري القديم أو الحديث، أن سعى أحد إلى تقسيمها أو تفتيتها إلى إجزاء، فهي أحد أهم ثلاثة دول في العالم لم يطالها التقسيم على مدار التاريخ ومنذ الخليقة.
وفي نفس الوقت تمر مصر، بمرحلة خطيرة من تاريخها، بعد أن انقلبت الأوضاع رأسًا على عقب، فأصبح الباطل حقًا والحق باطل، بالرغم من وضوح الرؤيا عند كل ذي بصر وبصيرة، في تغييب القيم والأخلاق والمبادئ الإنسانية، والتي حضَّ عليها الإسلام، والذي يعتبر أن تراب مصر مقدس، والتخلي عن حبة رمل منه، خيانة لله ورسوله وخيانة للقرآن الكريم، وخيانة لكل قيم وأخلاق الإنسانية وقيم وأخلاق الجاهلية وقيم وأخلاق الإسلام.
وبغياب الأبعاد السبعة عن مصر، خاصة في العصر الحديث، من حيث البعد العلمي في الكون والبعد الديني المتمثل في رسالة الإسلام، والموقع الجغرافي المتميز والبعد التاريخي الضارب في أعماق الزمن والبعد الحضاري والبعد البشري والبعد الأخروي، والتي تحمل في طياتها قيم الخير والحب والتسامح للبشرية جمعاء، وفيها كل تقدير وكل احترام من الإنسان لأخيه الإنسان، إلى درجة تشعرك أن المصريين لم يستفيدوا شيء من تدينهم سوى النذر اليسير.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر