(138) نهر النيل في… الإسلام
بين معادلة البقاء والفناء في نهر النيل وغيره من مقدرات الأمم والشعوب، صنع الغرب الشقاق وخلق النفاق بين الأنظمة والشعوب على مدار عقود وقرن من الزمان، وهو يتلاعب بمصالح الشعوب كالبهلوان، وكأنه في مسرح للعرائس يديره من خلف ستارة بهمة واقتدار.
وضع مصالح الغرب وشعوبه في أولى أولوياته في وجود خيال المآتة، الذي لا يهش ولا ينش وإنَّما دائمًا، يقدم فروض الطاعة والولاء في المنام قبل الصحيان، حتى يرضى عنه الغرب صاحب الصولجان، الذي جلبه إلى السلطة في غفلة من الزمان.
ضرب المعترضين على الغرب
فيضرب الغرب بعصاه كل من يعترض على تصرفاته العدوانية الممزوجة بالسادية، والتي لا يخطئها عين الرقيب بعد أن تم كسر عين الوكلاء، الذين جلبهم إلى السلطة بشكل غير شرعي وغير قانوني، ثم أعطاهم الشرعية عبر قانون الاستعمار الذي يشرعن ويقنن أي نظام حتى لو كان ضد إرادة شعبه.
فلا حيلة للوكيل سوى الانبطاح والاستسلام، وعليه أن يسلم كل أوراقه، وعليه أن يرضخ لرغبات الاستعمار الذي أوصله إلى سدة السلطة، ولا مانع أن تقوم الأنظمة ببعض حركات بهلوانية أمام الشعوب، حتى تقنعها بموقفها المشرف على غير الحقيقة والواقع وتوهمها أنها تدافع عن مصالحها في كل وقت وحين.
أمَّا الجزرة فيستحدمها الاستعمار، من أجل منع الشعوب من تطوير نفسها بالعلم والمعرفة، بعد أن سلم السلطة لأنصاف المثقفين، الذي لا يجدون أنفسهم إلا على كرسي السلطة يطاردهم مرضها ودائها اللعين في كل وقت وحين، وإذا طردوا من الكرسي ذهبوا إلى السجن أو الموت أو القتل، ويظل الوريث جالس على قارعة الطريق، انتظارًا للقفز على الكرسي، بعد تمكين المستعمر له بلا مؤهلات وبلا معايير سوى أنه تابع ذليل.
إنها لعبة الكراسي الموسيقية، التي أدمن عليها الغرب في حكم الشرق الإسلامي بالحديد والنار والسجن والتعذيب والموت والقتل على مر السنوات، بعدها يتم إغراق الأنظمة بالديون في صورة قروض، تطارد الأنظمة بفوائدها المركبة التي ترهق كاهل الأنظمة بعد تضخم حساباتها خارج البلاد، وكاهل الشعوب التي لا تجد رغيف الخبز الحاف وتجعلها خاتم في إصبع الغرب وأعوانه وخادم مطيع في ديوانه تفعل بالاثنين الأفاعيل.
وما بين العصى والجزرة، منعت الشعوب بالقوة من التفكير في تحسين أحوالها المعيشية، من خلال تطوير الفكرة القديمة أو إيجاد فكرة جديدة أو إبداع أو ابتكار أو اختراع، قادر على نهضة شعوب، حوض النيل في لحظات وليس في سويعات، فيعيشون الأمن والأمان والتقدم والازدهار أفضل من الغرب في أحسن أحواله.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر