(140) نهر النيل في… الإسلام
كانت بنود وثيقة هنري كامبل بترمان كارثية والتي تم فيها صياغة علاقة الغرب وتحديدها في خطوط حمراء مع الشرق، وتم فيها وضع النقاط على الحروف من أجل قوننة احتلال العالم العربي والإسلامي، بواسطة شبكة ضخمة من الأحفاد والوكلاء على مدار قرن من الزمان وإلى الأبد، وهو علم علمه الهنري لأبنائه وأحفاده، ويتم تدريب وكلاءه عليه بشكل دوري ومنظم، خاصة الذين عندهم تطلعات إلى السلطة والثروة، ويعيشون حياة صعبة، قوامها الفقر والجهل والمرض ومحدودية التعليم.
والتي بمقتضاها تم منع امتلاك الشعوب العربية والإسلامية، قرارها وزمام أمرها في اختيار حكامها، ولا مانع من إجراء انتخابات صورية قوامها الغش والتزوير، ولا مانع من تجنيد الإعلام، من أجل الحديث عن نزاهة الانتخابات، فتدخل البلاد في نفق مظلم ودائرة مغلقة وغامضة ضبابية، قوامها الغش والتزوير من النظام وأدواته، الذي ينتقل سريعًا إلى عامة الناس.
لم يكن الهدف من تزوير الانتخابات، هو إيصال هذا النظام أو ذاك إلى السلطة، وإنما كان الهدف انتهاك مصداقية النظام، بعد أن أصبحت على المحك ومصداقية الشعوب، الذي رأى تجرؤ النظام وأدواته على تزوير الانتخابات، فانتقل الغش والتزوير إلى الشعوب، وفي كل بيت وحارة وإدارة، وانتشر في مؤسسات الدولة بشكل عام، وفي الصحة والتعليم بشكل خاص.
التلاعب بحياة الآخرين
فتجد الطبيب الغشاش الذي يقتل المرضى ويسرق أعضاءهم من أجل بضعة دولارات ولو كانت بالمليارات، وتجد المعلم الغشاش الذي يتاجر في تلاميذه مقابل بضعة دولارات ولو كانت بالمليارات، ومعهم السياسي والاقتصادي والمهندس والصانع والزراعي والتاجر، وغيره من الوظائف التي لها علاقة بحاجات الناس، فاختلط الحابل بالنابل وأصبح الجميع في خبر كان، بالرغم من التمثيل القائم على قدم وساق في كل المؤسسات على غير الحق والحقيقة.
ومع صب المزيد من الزيت على النار، تبدى الحقد ومزيد من الكراهية، من الشعوب تجاه النظام، فيبدأ كل منهما في كيل الاتهامات للآخر، سعيًّا وراء تحقيق مصالحه الخاصة، بعد أن تم تضييع مصالح الشعوب، وكل هذا يصب في صالح الاستعمار، بعد أن تمكن من تكوين رأي عام مضاد بين النظام والشعوب، والمفروض أن يكن هناك توافق بين الاثنين من أجل حماية الجميع.
نهر النيل ضحية الغش والتزوير
كان نهر النيل، ضحية من ضحايا الغش والتزوير وانعدام الشفافية مع التعاطي مع أهمية ومنزلة النهر العظيم في حياة الشعوب على مدار عقود طويلة، فالذي يزور إرادة شعبه، ويقبل على نفسه هذا المبدأ اللاإنساني، من السهل عليه أن يتنازل عن نهر النيل وأرضه.
ولكن في عرف الغرب وقوانينه لا يستحق المزور العيش، لحظة واحدة في الحياة، هذا هو الفرق بين قانون الغرب مع أنظمته وحكوماته على غير الشرق وقوانينه، الذي لا يضع أي اعتبار لوجود شعبه، لأنه سوف يسقط في أول اختبار يتعلق بمصالح الناس، لأن همه الكرسي فيتخلى عن كل شيء من أجله.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر